5 دقائق

الناس السيلفي

الدكتور علاء جراد

أشكر قرائي الأكارم على تجاوبهم وتعليقاتهم على مقال «الشخصية لا تتغير»، وقد شجعني ذلك على تناول فكرة أخرى تدور في ذهني منذ فترة، ويتلخص الموضوع في أننا كبشر بطبعنا نحب أن نكون محط أنظار ومحور اهتمام الآخرين ولا عيب في ذلك، ولكن المشكلة هي عندما تتضخم هذه الرغبة في أن نكون محور الاهتمام وألا يرى الآخرون غيرنا. وتتعاظم المشكلة عندما نفقد القدرة على رؤية الآخرين، بل والعالم كله، ونصبح نحن محور العالم ولا نرى إلا ذاتنا.

«هؤلاء الناس لا يرون إلا أنفسهم، ولا يسمعون إلا أصواتهم، وممتلكاتهم الخاصة ومشاعرهم هي شيء مقدس بالنسبة لهم».

إذا ربطنا بين ظاهرة «السيلفي» التي انتشرت كثيراً سنلاحظ أن هناك نمطاً من الشخصيات يمكن أن يطلق عليهم الشخصيات أو الناس «السيلفي» Selfi People ، هؤلاء الناس لا يرون إلا أنفسهم ولا يسمعون إلا أصواتهم، وممتلكاتهم الخاصة ومشاعرهم هي شيء مقدس بالنسبة لهم، فلا يسمحون لأحد بالتقصير في حقهم قيد أنملة، ويحرصون دائماً على أخذ حقوقهم كاملة قبل أي شخص آخر، بل يصل الأمر إلى التعنت في استخدام كلمة «حقي» ولا يفكرون في أحد سوى أنفسهم. ويندرج ذلك على كل المستويات ومناحي الحياة بداية بتناول الطعام وانتهاءً بأمور مثل الميراث. ويبدو أنها متلازمة أو تركيبة من الصفات، فهؤلاء دائماً لديهم القدر الأكبر من الأنانية وحب الذات، وفي الوقت نفسه لديهم درجة عالية من البخل المادي والمعنوي والغرور أيضاً، وكلما ازددت عطاءً لهم كلما ازدادوا نكراناً للجميل، وهم يعتبرون أن ما تقوم به هو حق مكتسب، ويعتقد هؤلاء في قرارة أنفسهم أن العالم مسخّر من أجلهم، وأن رغباتهم أوامر. يغيب الشخص منهم لسنوات ثم يفاجئك بمكالمة من بعيد لا لشيء إلا لأنه يريد شيئاً منك، وحتى من دون افتعال المجاملة فهو يدخل في الموضوع مباشرة بأن يطلب منك خدمة ما، وإن لم تفعل فأنت إنسان غير متعاون ولا تحب الخير للآخرين، وربما وصفك بأنك حاقد وتغير منه.

من المهم جداً اكتشاف تلك الشخصيات، وعدم إضاعة الكثير من الوقت معهم، وإن لزم الأمر فلنتعامل معهم بحذر ولا نبالغ في توقعاتنا منهم، وبالتالي لا نرهق أنفسنا معهم لأن أفضل طريقة للتعامل معهم هو إما الابتعاد عنهم أو على الأقل ألا نتوقع منهم الكثير، لأنهم لن يهتموا بأحد ولن يتبنوا أي مسؤولية أو قضية، باختصار لا يمكن أن نعتد بهم أو نستند عليهم. لحسن الحظ أن هذه الشريحة من البشر هي الاستثناء وليست القاعدة، وعادة لا نقابل منهم الكثير، لكنهم موجودون، وقد يكونون من المقربين منا.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر