5 دقائق

الشخصية لا تتغير!

الدكتور علاء جراد

إذا كنت تحاول إحداث تغيير في حياة شخص آخر أو تغيير سماته الشخصية، أقترح أن تعيد النظر في ذلك، أو على الأقل أن تكون مهيأ نفسياً لتقبل النتيجة وهي أن الشخص غالباً لن يتغير، ببساطة لأن الشخصية لا تتغير. يمكن أحياناً أن ينجح الإنسان في مساعدة الآخرين على تحسين أنماط سلوكية معينة، لكن ليس أبعد من ذلك. إن الشخصية هي نتاج تراكمات وراثية وفكرية وثقافية وعقائدية تشكلت منذ مراحل العمر المبكرة، وبالتالي من المهم فهم الشخصية أولاً ومعرفة تكوينها وكيف تشكلت، كما أن الموضوع لا يرتبط بحياتنا الاجتماعية فقط، بل هو لُب حياتنا المهنية أيضاً، فالإنسان بقيمه واتجاهاته وسلوكياته هو كُلّ لا يتجزأ. طبعاً يستطيع الإنسان إحداث تغيير كبير في حياته إذا أراد هو ذلك.

استبدلوا مصطلح إدارة «الموارد» البشرية فأصبح إدارة «البشر» فالناس ليسوا مجرد موارد بل بشر.

لقد أدرك علماء الإدارة هذا الجانب عندما استبدلوا مصطلح إدارة «الموارد» البشرية فأصبح إدارة «البشر»، فالناس ليسوا مجرد موارد بل بشر، ويعني ذلك أن لهم شخصية ولهم طموحات، ولديهم رغبات وتحديات نفسية وسلوكية بدرجات متفاوتة، وكذلك مواهب وقدرات فردية خاصة، واحتياجات يجب إشباعها. إن جاز القول فكلنا «ذوو احتياجات خاصة»، فاحتياجات كل شخص تختلف عن الآخر، ولا يوجد مقاس واحد يناسب الجميع، كما لا يوجد إنسان بلا عيوب أو مشكلات ما، ما الحل إذن؟ يكمن الحل في فهم شخصية الطرف الآخر، ما دوافعه؟ طموحاته؟ أحلامه؟ ما الذي يحفزه أو يحبطه؟ هل يرغب دائماً في أن يشعر بأننا نقدره؟ هل لا يعنيه ذلك؟ وإذا استعرت مصطلح الدكتور سبنسر جونسون من كتاب «قطعة الجُبن»، ما نوع «الجُبن» الذي يسعى إليه هذا الشخص؟ هل المال؟ المنصب؟ التقدير؟ التحدي؟ التفوق على الآخرين؟ هل لديه «أجندة» خفية؟ وقبل ذلك هل يعرف أصلاً ماذا يريد؟

لقد شدد الأب الروحي لنظرية الجودة «ديمنج» على أن المديرين لابد أن يدرسوا علم النفس، وقد وضع ذلك كأحد الأعمدة الأربعة لنظريته التي أطلق عليها «نظرية المعرفة العميقة»، نعم هناك حاجة ماسّة إلى إعادة تبني هذه النظرية وتشجيع كل مدير أن يتعلم أساسيات علم النفس، وسمات الشخصية وأنواعها حتى يفهم نفسه أولاً ومن ثم يفهم الآخرين، فيريح ويستريح. وليس المديرون فقط ، بل من المفيد أن نتعلم جميعاً أساسيات علم النفس، وسأطبق ذلك على نفسي لأنني عانيت كثيراً وأرهقت بعض من حولي حتى توصلت إلى هذه القناعة، يسعدني أن أستمع إلى آرائكم وتجاربكم حول هذا الموضوع.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر