مزاح.. ورماح

«ولهم حياتهم أيضاً..!!»

عبدالله الشويخ

كلما أقسم بأن لا أخرج معه مرة أخرى يشدني أمر آخر لدفع الكفارة والخروج معه.. أنت حتماً تمتلك صديقاً من هذا النوع.. وتعلم أن موظف الجمعية الخيرية الباسم الجالس أمام الجمعية أصبح يخرج تذكرة الكفارة بمجرد رؤيته لك..

إلا أن بعض الإحراجات لا تُنسى.. كنا نمشي في أمان الله كما يقال.. وجذبني من كفي فجأة وهو يقول لي لا تتحرك.. لا تتحرك.. انتظر هنا!.. ليهرع إلى إحدى الطاولات في المطعم الموجود في مول تجاري، حيث كان أحد المسؤولين يتناول طعامه مع وفد رسمي.. ليقول له: ممكن صورة معاك طال عمرك؟ وصوت الفلاش الإلكتروني مرة أخرى.. سلفي .. قول تشيز طال عمرك!! شكراً.. وعاد إلى حيث أقف.. كما أمرني بالطبع.. ودعواتي بألا يكون المسؤول قد رآني معه ويعرف أن لي أصدقاء من هذا النوع!

بعدها بدقائق كنا نجلس في مطعم آخر تسمح به ميزانيتنا وسمع صديقي صوت الفلاش الإلكتروني ذاته على طاولة خلفنا، فأقام الدنيا وأقعدها على العائلة السائحة في الخلف، وذكرهم بالخصوصية والاحترام وقدسية وقت تناول الطعام، ورفضه أن يكون موجوداً في خلفية صورتهم، وقام بحذف الصورة بنفسه وراجع محتويات كاميراتهم ثلاث أو أربع مرات.. الحمد لله أنه لم يعطهم «استيكر» ويطلب منهم استلامها منه عند مغادرتهم الدولة..!

لماذا نحلل لأنفسنا استباحة الحياة الشخصية للمسؤولين ونحرم على أنفسنا المساس بحياتنا؟!.. أرأف كثيراً بالمسؤولين الذين يجبرهم نمط حياتهم على الابتسام وعدم رد طالبي التصوير الذين لا يتحلون بأي قدر من اللياقة، خصوصاً في الآونة الأخيرة.. فلا يفرقون بين العام، حيث تطقطق الفلاشات كما يحلو لها، وبين الخاص حين يكون المسؤول في سفر أو يتناول طعاماً أو يتبادل حواراً خاصاً مع صديق!

مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت حلبة لادعاء المكانة.. فلا أبسط من قيام أحدهم بإزعاج مسؤول في مناسبة رسمية والتصوير معه ثم اختلاق آلاف القصص.. وقالي في ذلك اليوم.. وأوصاني.. و.. و.. مثل ذلك الصحافي العربي الشهير الذي قابل إيزنهاور ثلاث دقائق ألّف فيها ستة عشر مجلداً.. ما تخف علينا يا باشا!

سيتحدث البعض عن روح الأسرة الواحدة وأنه لا فرق بين الجميع، وهذا جميل، لكن هل يستطيع من يناصر نظرية الأسرة الواحدة أن يزعج والده كل يوم: بويي أبا صورة وياك!.. المعادلة واضحة وبسيطة، اتركوا الناس تعيش حياتها ببساطة ودون مقاطعة أو إزعاج لكي تروهم بينكم بشكل أكبر..

ألا تحبون أن تشعروا بسعادة رؤيتهم مرات أكثر ولفترات أطول.. إذن افهموا أن لهم حياتهم كما لكم حياتكم، وعلموا أبناءكم ذلك من باب اللياقة..

المهم أنني ذكّرت صديقي بأن لديه «كاتلوجاً» كاملاً من الصور مع المسؤول.. فقال لي: لاااا يا فالح لازم تسوي «أبديت» للصور كل فترة عشان الناس ما تقول المسؤول زعل عليه!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر