مزاح.. ورماح

«ساعة الميلاد..!»

عبدالله الشويخ

انتشر في الآونة الأخيرة فيلم وثائقي لاختبار قام به صحافيان من الولايات المتحدة الأميركية قررا خوض تجربة المخاض؛ الأمر ليس كما يصور لك تفكيرك اليعربي! لا إطلاقاً! هذه الأمور لا تحدث في دولة محترمة مثل أميركا، التجربة كانت علمية جداً؛ إذ قامت إدارة المختبر الذي تمت فيه التجربة بإيصال أقطاب كهربائية ببطن الصحافيين وتوليد نبضات كهربائية بمثل قوة النبضات التي تتعرض لها الأم أثناء عملية المخاض.. كانت التجربة مضحكة ومؤثرة جداً للرجلين اللذين كانا يتلويان ألماً، ويستنجدان بالفنيين حولهما لإيقاف التجربة، والألم أيضاً. وحين سُئلا بعد التجربة عن أحاسيسهما أجاب أحدهما بكلمات مختصرة: شكراً أمي، لم أعلم أنك تعرضت لكل ذلك من أجلي.

كلنا يلعب دور الطفل المدلّل لمجموعة تجارية ضخمة؛ وُلد وهو لا يعرف كمّ الصعوبات التي عاناها المؤسس العصامي لها، ولهذا فهو لا ينفق أموالها كما يجب، كذلك في الحياة؛ فطالما نحن لم نشعر بالآلام التي صاحبت قدومنا إلى هذه الدنيا فنحن لا نحسن استخدام لحظاتها، ونبعثرها بين تحسّر على ماضٍ لا يمكننا تغييره، وخوف من مستقبل لا نعرف عنه شيئاً، ونضيع أجمل لحظات العمر بينهما، ونكتفي بترديد طرفة قديمة بذيئة ومستهلكة بأننا كنا الأفضل من بين عشرات الملايين من الخلايا الراكضة ذات يوم!

حين دخلت عليها في المخاض تلك الليلة، كنت أحاول أن أكون مختلفاً، كانت تعاني من الآلام ما لا يمكن للرجل أن يتخيله ما لم يمر بتجربة في المختبر الأميركي المذكور أعلاه.. شفتاها جافتان وتحاول أن تتمتم بأمر ما، أقرّب أذني من شفتيها: قولي يا حبيبتي؛ لا أكاد أسمعها بين صافرات الأجهزة وأنين الألم، قولي ما الذي ترغبين في قوله؟

أحاول أن أخمن، هل بلغت بها الآلام حدّ رغبتها في قول وصيتها الأخيرة؟ هل ترى سيحب الأب الابن أو الابنة الذي تسبب في وفاة زوجته أثناء الولادة؟ هل تتحول عاطفته إلى حنين إضافي أم إلى كرهٍ خفي؟ علاقة معقّدة تحتاج إلى أديب روسي ممل آخر لتفصيلها.

ما الذي تريد أن تقوله؟ ترانا تركنا شيئاً في المنزل دون إغلاقه تفاؤلاً بعملية نظيفة وسريعة وحازمة تجعلنا نعود فوراً؟ هل تملك شخصية تحب التملك وتريد أن توصيني بألا أنظر إلى غيرها إن أصابها مكروه؟ بالطبع الجميع يعطون وعوداً كثيرة في لحظات مثل تلك؛ ثم يقولون بعد أسبوع أثناء عقد قرانهم الجديد: كان يجب أن أجعلها ترقد في سلام!

هل تريد أن تسألني السماح؟ كم هو غريب قلب المرأة، لا تظهر حقيقته إلا في لحظات العاطفة المفرطة أو الألم المفرط؛ لذا يلجأ معظم الرجال إلى أسهلهما لمعرفة مكنوناتها.

أقرّب أذني أكثر، أبدأ بسماع صوتها الواهن وهي تقول: اسألي إدارة المستشفى عن الباسوورد مال واي فاي؟!

عساج ع القوه!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر