كل يوم

تطوير العمل الخيري ضروري للمرحلة المقبلة..

سامي الريامي

ليس تقليلاً من شأن وعمل الجمعيات الخيرية، وأدرك تماماً أن هناك متطوعين يعملون بإخلاص، ويبذلون جهوداً متواصلة ليل نهار خدمة للخير والعمل الخيري، لكن المطلوب في المرحلة المقبلة تطوير مفهوم العمل الخيري، وتطوير أساليب جمع وصرف الأموال في هذا الشأن، ومطلوب أكثر العمل وفق خطط واستراتيجيات لمعالجة الخلل الأساسي، وعدم الاكتفاء بترميم النتائج، والمطلوب أيضاً التنسيق والترابط والتواصل بين مختلف الجمعيات، لضمان إيصال أموال المحسنين إلى الفئات المستحقة فعلاً، والقضاء على شريحة المستنفعين من الجمعيات الخيرية.

«جمعياتنا الخيرية تبذل جهوداً طيبة، لكن معظم هذه الجمعيات تقليدية، والعمل الخيري في الإمارات يحتاج إلى تطوير في الفكر والمفهوم والأسلوب».

لابد من إعادة النظر في فكرة المساعدات المالية للأسر المحتاجة، التي لا تزيد على 2000 درهم، والقائمة على أساس توزيع المبالغ على أكبر عدد ممكن من المحتاجين، في حين أن الواقع يثبت أنها لا يمكن أن تسد حاجة، ولا يمكنها أن تقلل عدد المحتاجين، بل على العكس تماماً أسهمت في زيادة أعدادهم، وأسهمت في ظهور شريحة من المتلاعبين على الجمعيات الخيرية، والمستفيدين من عدم دخولها جميعاً في شبكة ربط آلي موحدة!

ولابد من إعادة النظر في أوجه الصرف، والوقت حان للتفكير خارج صندوق العمل التقليدي، فالمؤشرات الموجودة حالياً في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي تؤكد تركز صرف الأموال في باب أو بابين مألوفين جداً، يواجهان اكتفاء تقريباً، في حين تواجه الأبواب الأخرى عجزاً ونقصاً شديدين، فلِمَ لا يخرج المسؤولون عن الجمعيات الخيرية عن المألوف؟ ولِمَ لا يُدخلون أموال الخير إلى أوجه جديدة، يحتاج إليها الناس وبشدة، أهمها بابا التعليم والصحة على سبيل المثال؟!

الصرف من أموال الخير على تعليم المحتاجين وأبناء الفقراء، وتبنيهم دراسياً إلى حين تخرجهم، أو إنشاء المدارس الخيرية، فيه نظرة بعيدة المدى لمكافحة عوز وحاجة الأسر المحتاجة، فتأهيل الأبناء وتدريسهم إلى حين التخرج يعملان على إضافة دخل جيد للأسرة، بمجرد تخرج أبنائها وعملهم، وهنا الاستثمار الحقيقي المفيد للأسرة والمجتمع، بدلاً من مساعدتها بمبلغ شهري زهيد، أو ملابس وأدوات وقرطاسية مدرسية بسيطة، فالعمل وفق خطة عامة، والتركيز على أعداد أقل، مع صرف أكثر، أفضل بكثير على المدى البعيد من الصرف على أعداد كثيرة بمبالغ زهيدة، والنتيجة لابد لها أن تكون مختلفة بعد سنوات عدة، حيث تؤدي الخطة الأولى إلى خفض أعداد المحتاجين بمعالجة مشكلة وجود معيل، في حين تزيد الثانية أعداد المحتاجين، وتُبقي المحتاج في دائرة الاحتياج طوال حياته!

جمعياتنا الخيرية تبذل جهوداً طيبة، لكن معظم هذه الجمعيات تقليدية، والعمل الخيري في الإمارات يحتاج إلى تطوير في الفكر والمفهوم والأسلوب، والاستفادة من التقنية الحديثة التي تجتاح الإمارات مازالت ضعيفة في هذا المجال، لا أنكر أن هناك محاولات متميزة تستحق التقدير والاحترام، وتستحق إلقاء الضوء عليها حتى يستفيد منها البقية، لكن تبقى هذه المحاولات قليلة، نسبة إلى حجم العمل الخيري وأعداد الجمعيات والمؤسسات الخيرية في الدولة!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر