كل يوم

الإبداع ليس حكراً على أحد..

سامي الريامي

وقف عبدالله الشيباني، وحسين لوتاه، واللواء خميس بن مزينة، أمام شاشة إلكترونية تعرض الخدمات الذكية، في جناح دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، وعند باب فتاوى سألوا (مازحين) عن فتاوى «المسيار»، ففاجأهم الدكتور حمد الشيباني وبسرعة بديهة حاضرة، فضغط على الباب الخاص بفتاوى «الخلع»!

تطور مفهوم العمل الخيري، والانتقال بعمل دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري وفكرها، وإخراجهما من زاوية ضيقة بسيطة، إلى عمل أشمل وأرحب وبدعم تقني متطور.. شيء مبهر ويدعو إلى الفخر حقاً.

ذكرني هذا الموقف بموقف سابق، عندما سألت الدكتور حمد الشيباني، مدير دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري قبل سنوات عدة، وفي بدايات تحول دوائر دبي إلى حكومة إلكترونية، وبصيغة المزح ذاتها: «ماذا عساكم أن تقدموا من خدمات إلكترونية، خطبة جمعة إلكترونية، أم أذاناً إلكترونياً، أم فتاوى إلكترونية؟». أجابني: «وما أدراك ربما جميع ما ذكرت!».

ويوم أمس، وبعد سنوات ليست بالطويلة، زرت جناح دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، في معرض إنجازات دوائر حكومة دبي، وهو بالمناسبة أحد أفخم وأجمل وأفضل الأجنحة، إن لم يكن أفضلها على الإطلاق في المعرض، لكن ليس الجناح وتصميمه وتنسيقه هي كل ما يبهر، بل إن تطور مفهوم العمل الخيري، والانتقال بعمل الدائرة وفكرها وإخراجهما من زاوية ضيقة بسيطة، إلى عمل أشمل وأرحب وبدعم تقني متطور، شيء مبهر ويدعو إلى الفخر حقاً.

الدائرة لو لم تقدم من الخدمات الإلكترونية والذكية سوى مشروع «إمارات الخير» فهذا يكفيها، لما لهذا المشروع من أهمية كبيرة، للدولة والمتبرعين والجمعيات الخيرية وللمجتمع والمحتاجين، ومستحقي المساعدات أيضاً، ومع ذلك فإن الدائرة تقدم الآن خدمات لا حصر لها في المجال الديني، والدعوي، والاجتماعي، والإنساني والخيري إلكترونياً، وتقدم 28 خدمة ذكية تقريباً عبر تطبيقات الهاتف الذكي، وبالمناسبة من ضمنها خطبة الجمعة باللغتين العربية والإنجليزية، والأذان الإلكتروني والفتاوى الإلكترونية، وخطبة الجمعة يعتمد عليها ويقرأها مئات الخطباء في أستراليا وبريطانيا وأوروبا، وهو أمر إيجابي للغاية في إيصال مفاهيم الإسلام الصحيحة، والمعتدلة والوسطية، في مقابل أفكار التطرف والعنف!

مشروع «إمارات الخير» هو عمل تقني حضاري راقٍ جداً، وهو الوحيد من نوعه في المنطقة وربما العالم، وعن طريقه تم ربط معظم الجمعيات الخيرية والمؤسسات، لذلك فهو خير وسيلة لمنع ازدواجية الصرف على المحتاجين، ومنع التلاعب، والأهم هو تقديم معلومات فورية عن كل درهم يدخل في العمل الخيري، وعن مساره واتجاهه، وأين تم صرفه، منتهى الدقة، ومنتهى الأمانة والشفافية، ومعلومات دقيقة يمكن تحليلها والاستفادة منها، في توجيه العمل الخيري بشكل أفضل، إضافة إلى توفير خاصية التدقيق أكثر فأكثر على هذه الأموال، فهي ليست قليلة، وحجم العمل الخيري في دبي خلال ثلاث سنوات مثلاً يقارب ثلاثة مليارات درهم، وهذا البرنامج يمكّن من القضاء بشكل نهائي على إمكانية استغلالها سلباً، أو استغلال غير المستحقين، وممتهني اللعب على أوتار الخير، وعدم وجود تنسيق وربط بين الجمعيات فيقتاتون منها جميعاً!

مشروع الربط الإلكتروني، وتفاصيل «إمارات الخير» تحتاج إلى تعميم، وإلى قرار حكومي حاسم لضم جميع الجمعيات الخيرية التي لم تنضم إلى الآن، وعلى مستوى الدولة إلى هذا المشروع، لما له من فوائد وأهمية، كما أننا بإمكاننا فوراً إلغاء أكشاك الجمعيات الخيرية المنتشرة عشوائياً، وصناديق التبرع التقليدية القديمة، والاكتفاء بالتبرع إلكترونياً وهاتفياً، عن طريق برنامج وتطبيق «إمارات الخير»، وبكل سهولة ويسر وتطور، علماً بأن جميع ما تعرضه الأكشاك، وجميع الجمعيات، موجود تحت تصرف المتبرع بضغطة زر!

الإبداع ليس حكراً على أحد، ومواكبة التطور فرض عين على كل مسؤول في دبي، ولا دخل لنوع العمل، أو حجم الدائرة في ذلك، فالمبدع الحقيقي هو الذي يبتكر ويطور ويرتقي بعمله، ويسعى إلى الأفضل مهما كان موقعه أو منصبه أو طبيعة عمل الدائرة التي يعمل بها، هذه خلاصة زيارة جناح دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر