كل يوم

«عاصفة الحزم».. يجب أن تصل إلى أهدافها

سامي الريامي

ليس سهلاً أبداً أن تتجه دول محافظة كدول مجلس التعاون الخليجي، التي تسعى دائماً إلى نشر السلام، إلى التصعيد العسكري، واتخاذ قرار الحرب فيها هو قرار صعب للغاية، ولا يمكن إقراره إلا إذا كان هو الخيار الوحيد المطروح، هذه حقيقة يجب أخذها في الحسبان دائماً عند الحديث عن «عاصفة الحزم» والقصف الجوي لمواقع الحوثيين في اليمن.

«إيران لديها القدرة على تحويل مجموعة قبلية صغيرة إلى تنظيم منظم وخطر، فعلت ذلك في لبنان، وفعلته ومازالت تفعله في العراق، والوضع في اليمن يسير بشكل واضح ومخطط له في اتجاه (حزب الله) نفسه».

من البداية، كان واضحاً أن الانتقال السياسي صعب جداً في اليمن، خصوصاً بعد فترة حكم طويلة للرئيس السابق علي عبدالله صالح، جعلته أكثر التصاقاً بكرسيه، ومع ذلك حاولت دول المجلس مراراً وتكراراً تهدئة الأمور، وحاولت وضع أطر لاستقرار اليمن، ولم تفضل التدخل بشكل مباشر، حتى بعد اجتياح جماعة الحوثي، بدعم من علي عبدالله صالح، صنعاء، سبتمبر الماضي.

وبدأت الخطورة مع تغيّر الحوثيين، وشعورهم بالقوة ونشوة الانتصار، وانقضاضهم على السلطة، وإلغاء كل المبادرات السابقة، ومحاولة قتل الرئيس اليمني الشرعي هادي منصور في صنعاء ثم في عدن.

الأمور تفاقمت، وأصبح هناك انقلاب واضح من الحوثيين على السلطة الشرعية، وهناك حسابات صغيرة جداً يفضلها علي عبدالله صالح أكثر من مصلحة الشعب والوطن، ونظرته الضيقة التي يمكن أن يحرق بها وطنه لتحقيقها، لم تكن يوماً نظرة استراتيجية شاملة، إضافة إلى ذلك بدأ يتضح الدور الإيراني أكثر وأكثر، وأصبح من الصعب تقبل وجود منصات صواريخ (سكود) مركبة على الحدود مع المملكة السعودية مداها يصل إلى 600 كم، ما يعني وصولها إلى كل أرجاء المملكة، وهذا تهديد واضح ومباشر وصريح ضد أمن السعودية والخليج!

إيران لديها القدرة على تحويل مجموعة قبلية صغيرة إلى تنظيم منظم وخطر، فعلت ذلك في لبنان، وفعلته ومازالت تفعله في العراق، والوضع في اليمن يسير بشكل واضح ومخطط له في اتجاه «حزب الله» نفسه، الشكل والأسلوب والفكرة واحدة، وبمسمى مختلف، مجموعة صغيرة تسيطر على الدولة وتحكم باسم إيران!

ووسط هذه المعطيات كلها، تأتي شرعية التدخل الخليجي واضحة وفق القوانين الدولية، فالحكومة الشرعية والرئيس الشرعي لليمن طلبا من القادة الخليجيين التدخل، ما ينفي أي صفة غير قانونية للتدخل العسكري، ثم إن الحوثيين مصنفون (إرهابيين) في السعودية والإمارات والبحرين، وميثاق الجامعة العربية، وأيضاً ميثاق الأمم المتحدة، الذي يجيز التدخل في حال طلب حكومة شرعية، كلها مسوغات مشرعنة للتدخل الخليجي في اليمن، والأهداف واضحة.. عودة الرئيس الشرعي، وحفظ الأمن والاستقرار، وضمان عودة المسار السياسي المتفق عليه دولياً، وإفشال الانقلاب الحوثي.

أهداف واضحة من «عاصفة الحزم» لابد من تحقيقها، ولا يمكن التراجع عن العمليات الجوية والتدخل العسكري، ما لم تتحقق هذه الأهداف، وسواء تحققت في شهر، كما كان مخططاً لها، أو في خمسة أو ستة أشهر، كما يتوقع البعض، فلا مجال لوقف ضرب الحوثيين وتحطيم قوتهم العسكرية، إلا بعد أن تحقق «عاصفة الحزم» أهدافها وبنجاح فائق، والفرصة الآن سانحة لصوت العقل من القبائل اليمنية لأخذ زمام الأمور، والتمرد على من لا تهمه مصلحة الشعب والوطن، والوقوف إلى جانب الشرعية والرئيس الشرعي، لضمان عودة أمنهم وأمن بلدهم. أمّا الحوثيون فالقصف الخليجي لا يهدف إلى إبادتهم بكل تأكيد، فهم مكوّن من مكوّنات الشعب اليمني، وعليهم الانصهار في هذا المجتمع، وتنفيذ المسار السياسي المتفق عليه، الذي هم جزء منه، ووافقوا عليه سابقاً، قبل شعورهم بالقوة المطلقة، عقب الجرعات الإيرانية المكثفة!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر