5 دقائق

«كامبريدج»: جامعة علمت العالم

الدكتور علاء جراد

كانت سعادتي مضاعفة لاختياري للتحدث في المنتدى العالمي للتعلم التطبيقي، أولاً لاختياري، وثانياً بسبب مكان انعقاد المنتدى وهو جامعة كامبريدج العريقة. لقد قضيت أربعة أيام في رحابها فهمت خلالها جزءاً من سرّ عراقتها، وتمنيت أن يزورها كل رئيس جامعة وكل وزير عربي معني بالتعليم، بل والكثير من طلابنا. تتكون الجامعة من 31 كلية، ويختار الطالب الكلية بناءً على عوامل عدة، المكانة العلمية لأساتذتها. يميز الجامعة محافظتها على التقاليد الممتدة من 1209، ومنها الاحترام المطلق للأساتذة، فهم يطبقون مقولة أحمد شوقي «قم للمعلم وفه التبجيلا، كاد المعلم أن يكون رسولا»، وتتجلى مظاهر الاحترام في إعطاء الأساتذة الحرية الكاملة في قرارات تخص أبحاثهم وأساليب التدريس، وتوفير الموارد التي يحتاجونها في أبحاثهم التي قد تصل إلى مئات الملايين، ويحق للباحث تسجيل براءة اختراعاه باسمه خلافا لكثير من الجامعات تحتفظ بهذا الحق لنفسها. الطريف في الامر أن السير على العشب هنا يقتصر على الأساتذة فقط ولا يحق للطلاب أو العاملين المشي فوق العشب نهائياً، وتوجد لافتات في كل مكان تحذر من هذه المخالفة، وينطبق ذلك على أماكن انتظار السيارات والدراجات، كما أن عدد الدراجات في هذه المدينة الصغيرة يكاد يفوق عدد سكانها. وتبذل الجامعة كل ما يمكن تخيله من أجل أن ينعم الطالب براحة البال، حيث إن الطلاب يعيشون في سكن الجامعة، الذي يحتوي على كل وسائل الراحة والخدمات، ويلتقي الطالب أسبوعياً بأساتذته كل على حدة في مكاتبهم، فالتدريس هنا يشبه الدروس الخصوصية فلا توجد مدرجات كبيرة أو صفوف بالمعنى المعروف. لقد شعرت بالهيبة وأنا أقف في المكان الذي اكتشفت فيه الجاذبية الأرضية، ومازال أثر مختبر نيوتن موجوداً، نعم نيوتن تخرّج وعمل هنا، وكذلك تشارلز دارون، وواتسون مكتشف الحمض النووي DNA، وستيفنز هوكيز أشهر عالم فيزياء، ونيل بورز صاحب ميكانيكا الكم، ورزفورد مكتشف نواة الذرة، وجون هارفارد مؤسس جامعة هارفارد الشهيرة. لقد حصل خريجو جامعة كامبريدج، حتى الآن، على جائزة نوبل 92 مرة. هل يمكن أن تستعيد بعض جامعاتنا العريقة مجدها وتصبح مثل كامبريدج يوماً ما؟

«السير على العشب هنا يقتصر على الأساتذة فقط، ولا يحق للطلاب أو العاملين في الجامعة المشي فوق العشب نهائياً».

ختاماً أود أن أشكركم جميعاً على متابعتكم ومساهماتكم، فاليوم أكملت عاماً من الكتابة في هذا العمود، وكان المقال الأول بعنوان «ويبقى التعلم»، واليوم كان الحديث عن «كامبريدج» قلعة التعلم.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر