5 دقائق

لماذا؟

الدكتور علاء جراد

لدى اليابانيين قاعدة مهمة تُستخدم بصفة خاصة في حل المشكلات، القاعدة ببساطة هي «اسأل لماذا خمس مرات»، وتعتبر أسلوباً فعالاً لمعرفة سبب المشكلات، فتعريف المشكلة التعريف الصحيح هو بمثابة الوصول إلى نصف الحل. سؤال لماذا له قوة كبيرة ويسهم في فهم أعمق لأي موضوع، فمثلاً بعض المؤسسات تعاني زيادة تأخير الموظفين في الوصول إلى عملهم صباحاً فتتجه بعض المؤسسات إلى اتخاذ إجراءات صارمة لحل المشكلة مثل البصمة الإلكترونية، ولكن يلتف بعض الموظفين على هذه الوسيلة فيأتوا لترك بصمتهم ثم المغادرة بعد قليل، لدرجة أن بعض الموظفين قد يترك سيارته في وضع التشغيل ويذهب سريعاً لتسجيل حضوره، ومن ثم يغادر مقر عمله.

«السؤال لماذا خمس مرات يساعد على معرفة السبب الجذري».

لأن معرفة السبب الجذري للمشكلة والتعامل المباشر معه هو السبيل الوحيد لحل المشكلة حلاً جذرياً وليس حلاً مؤقتاً، مثل أن يكون لدينا صداع فنأخذ قرصي بانادول، وقد يكون الصداع ناتجاً عن مشكلة في النظر مثلاً أو أي سبب آخر. السؤال لماذا خمس مرات يساعد على معرفة السبب الجذري، ولنتخيل هذا السيناريو، هناك تسرب مياه في المبنى وسنستخدم القاعدة لمعرفة السبب، فيكون السؤال الأول لماذا يوجد تسرب، والإجابة: لأنه لم يتصل أحد بشركة الصيانة، ولماذا لم يتم الاتصال؟ لأن عمالها لن يأتوا، ولماذا لأن يأتوا؟ لأننا لم ندفع لهم آخر فاتورة، ولماذا لم ندفع لهم الفاتورة؟ لأن المدير لم يوقعها حتى الآن، ولماذا لم يوقعها المدير؟ لأنه في مهمة بالخارج، ومن هنا يتضح أنه قد تكون هناك أمور أخرى معلقة وليس فقط فاتورة شركة الصيانة، وقد يكون أحد الحلول الجذرية أن يفوّض المدير شخصاً أو أكثر بالتوقيع.

ويبدو أن الاتجاه القادم هو التركيز على قوة الأسئلة من أجل الوصول إلى إجابات وحلول للمشكلات، فالكاتب والمتحدث «سيمون سينيك» له كتاب اسمه «ابدأ مع لماذا» ويُعد من أفضل الكتب مبيعاً وقد ترجمه إلى اللغة العربية مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية. ويقول «سينيك» في كتابه إن القادة العظماء في مختلف المجالات، مثل مارتن لوثر كينج وستيف جوبز يفكرون بالطريقة نفسها التي تختلف تماماً عن الآخرين، وهي أنهم يبدأون بـ«لماذا» بالتالي فهم يلهمون الآخرين بدلاً من أن يتحكموا فيهم، والذين يتبعون هؤلاء القادة لا يفعلون ذلك مضطرين بل لأنهم يريدون ذلك ولديهم قناعة وشغف.

أعتقد أن الكثيرين منا يعرفون ما الذي يقومون به، وغالباً يعرفون أيضاً طريقة القيام به، لكن قلة فقط هم من يعرفون لماذا يقومون بما يقومون به، لذلك فلنبدأ بسؤال أنفسنا لماذا نفعل ما نفعله؟

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

 

تويتر