مزاح.. ورماح

أعداء الخرائط..!

عبدالله الشويخ

يخذلك الـ«جي.بي.إس» كما يفعل عادة في مدينة حية تتغير ملامحها في كل يوم كجميع مدننا تقريباً، ويُغلق صاحبك الخط في وجهك، لأنه يعرف كيف يشرح لك الطريق، ولكنك أخفقت في أن توصل إليه معلومة «أين أنت»، لكي تكون لديه نقطة بداية، ينطلق منها في الشرح لك، تتذكر أنك قد حلفت ألا تتصل بخدمة 700017000 بعد أن جاءتك الفاتورة الشهرية الأخيرة.. لا يبقى لك سوى أن تؤشر إلى السيارة التي بجانبك، لكي تسأل سائقها عن طريقك.. يطالعك ذلك الوجه العربي البشوش.. لحية «غانمة» كما يقال.. يعطيك وصفاً يمتلئ بألفاظ شرق وغرب.. وجنوب «المسيد».. وصوب البحر.. لماذا يعتقد الكثيرون أن كل إنسان يولد ومعه بوصلة «بيلت إن»، أنا لا أعرف الشرق من الغرب إلا وقت الفجر والمغرب، أما الشمال والجنوب فأخطئ بهما، وبجميع اللغات العربية والإنجليزية حتى اليوم!.. المهم أنك في النهاية ستشكره.. وتعاود الاتصال بصاحبك إياه.. لمحاولة أخرى!

أرسل لي أحد الزملاء مقالة في صحيفة أجنبية.. أو للدقة العلمية ما يعرف بـ«إنفوغرافيك»، وعنوانه عشرة أشياء عليك أن تعرفها حول الإمارات.. كانت بها معلومات لطيفة حول الدولة مختلفة: تاريخية وسياحية واجتماعية، لكن المعلومة التي جذبت نظري فعلاً هي عبارة: أن عناوين الشوارع وأرقامها ليست مهمة وأغلب الناس لا يعرفونها، فالرسائل يتم توصيلها عبر صناديق البريد..!

تصرف إدارات التخطيط والمساحة والدوائر المعنية بالشأن البلدي الملايين على عمليات إعادة التسمية والترقيم، وبالمقابل نقابلها نحن كجمهور والجهات التي يجب عليها استخدامها تقابلها، لِنَقُل بنوع من اللامبالاة، تتصل بشركة توصيل معينة أو جهة خدمية، فتقول له منزل 6 شارع 7، وتعطيه الاسم الجديد للمنطقة حي الزهور، فيرد عليك: أين يقع من بقالة علي خان؟.. تعيد عليه الشرح وأنت تتوقع أنه يمتلك على الأقل خريطة أمامه.. فيجيبك بطريقة آلية: هل يبعد كثيراً عن بقالة علي خان؟.. تشرح له لنصف ساعة إضافية، لتكتسي جملته بالفرح، بعد أن عرف موقعك تماماً، وهو يقول: أهااا تماماً خلف بقالة علي خان!.. تلعن جاليليو الأحمق مرة أخرى، الذي كان يعتقد أن الشمس هي مركز الكون، وتلعن في سرك أحمق آخر يعتقد أن الأرض هي مركز الكون، ألم يسمع جميعهم ببقالة علي خان؟

لن أطلب منك أن تحلف، ولكن أطلب منك أن تجيبني!.. متى كانت آخر مرة فتحت فيها خريطة، لتعلم ما هو خط السير الذي ستتخذه.. أم أنك تعتمد على حسن النيات.. ثقافة قراءة الخرائط لدينا تساوي صفر.. لا أذكر أن مدرساً أحضر لنا خريطة.. الأمر يمتد إلى ممارساتنا عند السفر، فبينما ترى الجميع وقد بدأوا بدراسة المنطقة السياحية، التي أنت ذاهب إليها، وقد أخرج كل منهم خريطته، تخرج أنت هاتفك المحمول لتتصل بالصديق ذاته، وتسأله: فلان! منو من ربعنا ساير المكان الفلاني؟!

طرشلي رقمه..

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر