كل يوم

وضع طبي صعب..

سامي الريامي

دبي تحتاج إلى 3917 سريراً إضافياً في مستشفيات ذات كلفة متوسطة ومنخفضة، بحلول عام 2020، كما أنها تحتاج إلى 7323 طبيباً، و8510 ممرضين، كما أنها تحتاج إلى عدد كبير من المرافق الصحية، خصوصاً في التجمعات السكانية الجديدة، مثل جبل علي، والمارينا، وأبراج بحيرات جميرا، والمناطق المحيطة بها، التي هي عملياً قريبة جداً من الموقع المخصص لاستضافة المعرض العالمي «إكسبو 2020».

أماكن وجود المستشفيات والعيادات الحالية لا علاقة لها بوجود السكان أو عددهم، بل يسيطر الوضع التجاري على الأمر، وتغيب المعايير العالمية الحاكمة لتوزيع المستشفيات وفقاً لعدد السكان.

أما من ناحية التخصصات الطبية، فهناك حاجة ضرورية لزيادة خدمات الطوارئ والإصابات، وخدمات العناية المركزة والحرجة، والطب النفسي وجراحة الجهاز الهضمي والجراحة العامة، إضافة إلى خدمات إعادة التأهيل والرعاية الصحية طويلة الأمد.

هذه الأرقام والمعلومات ليست سرية، بل هي نتيجة دراسة أعدتها هيئة الصحة في دبي، تلمست فيها سعة الخدمات السريرية في إمارة دبي، من أجل معرفة حاجة الإمارة من الكوادر الطبية والتمريضية، وحاجة المستشفيات واستقبال الطوارئ والعيادات الخارجية من الأسرّة.. وما من شك في أن التوجه نحو إعداد مثل هذه الدراسات أمر جيد ومطلوب، وهو بداية لكل تفكير علمي لحل أي مشكلة عامة، فليس من المؤمل أن يكون هناك حل ناجع، ما لم نعرف بالضبط حجم المشكلة، وصعوبة الواقع الحالي هي مفتاح وضع الاستراتيجيات المستقبلية، لكن الدراسات هي مقدمات للعمل والتحرك، ولا يمكنها أن تكون هدفاً بحد ذاتها فقط.

وبنظرة سريعة على هذه الأرقام، لابد أن نلحظ وجود صعوبة بالغة في الوضع الصحي الحالي، من حيث عدم مواكبته للتطور الاقتصادي والنمو في الإمارة، هذا النمو الاقتصادي أدى إلى توسع كبير في حجم المدينة جغرافياً وسكانياً، وعلى الرغم من أن دبي اليوم ليست كالأمس من حيث التوزيع الديموغرافي، إلا أن ذلك لم ينعكس على المستشفيات والعيادات التي مازالت تتمركز في أماكن معينة، وتغيب نهائياً عن أماكن جغرافية أخرى!

أماكن وجود المستشفيات والعيادات الحالية لا علاقة لها بوجود السكان أو عددهم، بل يسيطر الوضع التجاري على الأمر، وتغيب المعايير العالمية الحاكمة لتوزيع المستشفيات وفقاً لعدد السكان، المعمول بها في معظم المدن الكبرى، لذلك نعاني اليوم نقص المستشفيات في المناطق المشار إليها سابقاً، في حين مازالت مستشفيات جديدة تُبنى في مناطق مليئة بالعيادات، ولا يفصل بين مستشفى وآخر سوى كيلومترات بسيطة، يستطيع الإنسان قطعها سيراً على الأقدام!

هيئة الصحة اكتشفت، وفقاً للدراسة، حاجتها إلى 7323 طبيباً، وهذا رقم ليس من السهولة توفيره خلال خمس سنوات، خصوصاً أن المستشفيات التابعة لها تعاني أصلاً تسرب الأخصائيين والأطباء والاستشاريين، بسبب أوضاع غير مريحة، وخلال العام المنصرم وحده، فاق عدد الأطباء الذين غادروا الهيئة الـ100 طبيب واستشاري وأخصائي، فكيف يمكن الوصول إلى الهدف المنشود، في ظل عدم معالجة الأوضاع الحالية، وعدم وجود بيئة عمل مناسبة ومريحة للكوادر الطبية الحالية، وعدم شعورهم بالاستقرار والرغبة في الاستمرار!

الوضع صعب، والأسرّة الحالية لا تكفي ولا تناسب الزيادة السكانية ولا التدفق السياحي، وبالتأكيد يجب الأخذ بعين الاعتبار كيفية استيعاب ملايين الأشخاص، المتوقع وصولهم من أجل «إكسبو 2020»، أما الاعتماد على بناء مستشفى جديد في جبل علي لحل المشكلة، فهو أمر مقلق، لأن الوقت يمضي، وبناء مستشفى ضخم، ومن ثَمَّ تجهيزه، وتوفير الكوادر والطواقم الطبية اللازمة، والبدء في تشغيله قبل مرور خمس سنوات، أمر فيه شك!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

 

 

تويتر