كل يوم

حرّاس محمد بن راشد!!

سامي الريامي

لا يحتاج المرء إلى طويل تفكير وهو يحاول فهم الأسباب التي تدع رجلاً بأهمية وموقع صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، يتصرف بمطلق الحرية في زياراته وتحركاته وتواصله المباشر مع الناس، من دون «بروتوكولات»، أو حراس، أو موظفين يحيطون به. ولطالما شاهد سكان دبي، المواطنون منهم والمقيمون، محمد بن راشد وهو يقود مركبته من دون حراسة، أو إجراءات خاصة، مثل إغلاق الطرق، أو التحرك ضمن موكب. وربما شاهده الآلاف وهو يسير من دون حراسة في مركز تجاري، أو موقع سياحي، أو مكان مفتوح، هكذا بكل عفوية وبساطة.

«إذا كان المتشددون يجدون جيوباً مؤيدة لهم في مناطق مختلفة من العالم، توصف بأنها حواضن لهم، تساندهم على الباطل والبطش بالعباد والبلاد، فإن الإماراتيين هنا يفخرون بحاضنة المحبة، التي يكنونها بصدق لحكامهم وبلادهم ولشعوب العالم أجمع».

كل هذا لم يعد سراً، ولم يعد أمراً غريباً ومستهجناً، بالنسبة لأهل الإمارات الذين يتفردون بعلاقة استثنائية مع حكامهم، طابعها أبوي بحت، والولاء للأب الحاكم أولى مفردات تلك العلاقة وأكثرها عمقاً. لكن تداول صورة صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، الخميس الماضي، وهو يتسوّق في محطة للوقود، على نطاق واسع داخل الدولة وخارجها، أثار تساؤلات مختلفة هذه المرة، تساؤلات فرضها إيقاع الأحداث الجسام، التي تشهدها المنطقة العربية، مع بلوغ العنف والتشدّد في بعض دول المنطقة مستويات غير مسبوقة، كان الأمن والاستقرار بكل أشكالهما أول ضحاياهما.

ويهمس البعض متسائلاً عن مدى أهمية اتخاذ إجراءات استثنائية مع الأحداث العاصفة في المنطقة، التي تجعل وصول التشدّد إلى أي مكان أمراً وارداً ومحتملاً، البعض يؤيد مثل هذه الفكرة، وقد يعارضها آخرون، لكن الثابت في الأمر أن ما يمكن تسميته «حاضنة المحبة» هي الضمانة الأهم لأمن محمد بن راشد، وأمن دبي، وأمن الإمارات عموماً، حاضنة صدقتها استطلاعات الرأي التي جعلت الإماراتيين من أكثر شعوب الأرض سعادة، فيما يشعر المقيمون بأنهم مدينون لهذه الأرض بأجمل سنوات أعمارهم وأعمار أسرهم.

وإذا كان المتشدّدون يجدون جيوباً مؤيدة لهم في مناطق مختلفة من العالم، توصف بأنها حواضن لهم، تساندهم على الباطل والبطش بالعباد والبلاد، فإن الإماراتيين هنا يفخرون بحاضنة المحبة، التي يكنونها بصدق لحكامهم وبلادهم ولشعوب العالم أجمع، هنا في هذه البلاد حيث لا إقصاء ولا تهميش، بل لغة ملونة للحياة والدفء الإنساني، هي اللغة الأبقى، والأكثر قدرة على الانتصار. محمد بن راشد يتصرف بفطرته التي جُبل عليها، تلك الفطرة التي امتزجت بتربية صالحة، ممهورة بأخلاق وتواضع مستمدين من العادات العربية الأصيلة، ومبادئ دين الإسلام الصحيحة القائمة على احترام الجميع، ومعاشرة الناس بخلق حسن، هذه الجذور جعلته حاكماً عادلاً يحب شعبه، ويقدر ويحترم الغريب قبل القريب. ولذلك فهو لا يرى أن ما فعله عندما دخل إلى متجر صغير تابع لمحطة وقود، لشراء ما يلزمه، متساوياً بذلك مع جميع سكان الإمارات بشرائحهم كافة، شيئاً غريباً أو غير عادي، لكن بمجرد طرح سؤال من نوع: كم حاكماً أو زعيماً أو قائداً في العالم الآن يستطيع فعل ذلك؟! عند الإجابة عن هذا السؤال سيتضح للعقل حجم هذا الفعل! سرد محمد بن راشد ذات مرة، تفاصيل حادثة مرت عليه عندما كان يتجوّل برفقة صديق له في أحد المراكز التجارية في دبي، فتأخر صاحبه خطوات بسيطة، واستمر هو بالمشي بمفرده، وإذ بأحد الأجانب يقترب منه، ثم يوقفه ويسأله: «أَأنت الشيخ محمد؟»، فأجابه «نعم أنا الشيخ محمد»، فسأله الأجنبي: «ولكن أين حرّاسك؟ وكيف تمشي بمفردك؟». فردّ عليه قائلاً: «انظر حولك، هل ترى هؤلاء الناس جميعاً، مواطنين ومقيمين، في هذا المركز التجاري، إنهم جميعاً حرّاسي».

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .  

تويتر