5 دقائق

ذوو الاحتياجات الخاصة في السويد

الدكتور علاء جراد

ذوو الاحتياجات الخاصة هم جزء لا يتجزأ منا ومن نسيج أي مجتمع، لكن للأسف لانزال أحياناً نتعامل مع هذه الفئة من منظور الشفقة وإشعارهم بالعجز، بل نكون قاسين عليهم في بعض الأحيان، فهناك مسميات وظيفية، مثل «مدرس تخلف عقلي»، أو «مدرس متخلفين عقلياً»، ولا أدعي التخصص، لكن لا أظن أن هناك اضطراباً أو حتى تصنيفاً اسمه «تخلف عقلي» .

«أتمنى أن تتم تهيئة وتدريب أولياء أمور ذوي الاحتياجات الخاصة، لأنهم شركاء في التطوّر الأكاديمي والعلاجي لأبنائهم».

إذا ألقينا نظرة على دولة مثل السويد، بها مليون ونصف المليون شخص مصنفون ضمن فئة ذوي الاحتياجات الخاصة (أي 15% من عدد السكان)، سنجد أن الحكومة اعتبرت قضية ذوي الاحتياجات الخاصة قضية «حقوق إنسان»، وليست قضية اجتماعية، فقامت بسن سياسات، ووضعت آليات، تم بالفعل تطبيقها، وحددت أولويات للتعامل مع هذا الملف بفعالية، ومن هذه الأولويات نظام العدالة، فبدأت الشرطة والنيابة العامة والمحاكم في وضع نظام للتعامل مع الضحايا من ذوي الاحتياجات الخاصة، واستحداث طرق لإيصال المعلومات إليهم، والتأكد من استيعابها، والأولوية الثانية هي نظام المواصلات والمرافق، حيث قامت البلديات والجهات المعنية بمراجعة التخطيط الحضري، ودراسة جميع السيناريوهات للتأكد من توافر الخدمات على قدم المساواة، وفي العاصمة استوكهولم وحدها تم تحويل 5200 إشارة ضوئية للمشاة لتعمل بالطنين بجانب الإشارات الضوئية، وتم عمل أرصفة خاصة للكراسي المتحركة، إضافة إلى 80 مرفقاً رياضياً، وفي مجال تقنية المعلومات، تم تضمين الخطة الرقمية للدولة بند «دمج» ذوي الاحتياجات الخاصة في المحتوى التكنولوجي، أما على مستوى المنازل فيقع على عاتق البلديات تهيئة المنازل بالتصميم والأدوات المناسبة لهم، وعلى نفقة الدولة، وقد بدأ ذلك منذ عام 1959، كما يحصل ذوو الاحتياجات الخاصة على سيارة مجاناً أو بدل سيارة.

الجدير بالذكر أن جميع الخدمات، ومن دون استثناء، متاحة للجميع، أياً كانت جنسياتهم، ولو كانوا لاجئين، أما المعلومة الأهم فهي أن السويد، مع كل هذا التقدم، ليست حتى ضمن الدول العشر الأولى في الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة، فالدول التي في المقدمة هي هولندا ونيوزيلندا وبريطانيا وكندا، ولكم أن تتخيلوا ماذا تفعل هذه الدول لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة في نسيج المجتمع.

أتمنى أن تتوافر في عالمنا العربي مراكز تشخيص متخصصة، وليست مراكز صورية، يعمل بها أناس حصلوا على شهادات مجرد «ورقة كرتون»، وأن يكون هناك نظام فعال للتدخل المبكر، وكذلك توفير رعاية طبية ذات جودة حقيقية، كما أتمنى أن تتم تهيئة وتدريب أولياء أمور ذوي الاحتياجات الخاصة، لأنهم شركاء في التطور الأكاديمي والعلاجي لأبنائهم.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .  

تويتر