مزاح.. ورماح

«الله.. يرحمه!»

عبدالله الشويخ

«أيها الأحمق لا أصدق أنك تفكر بشراء عقار في منطقة مرسى دبي، إنها بعيدة جداً وغير مأهولة، من سيذهب إلى هناك لاحتساء كوب من القهوة، هل فقدت صوابك؟».

«لا مستقبل لما يسمونه بالإنترنت، إنها موضة ستزول بعد أشهر عدة، لا تستثمر في هذا الأمر، وركّز على التجارة في أجهزة التيليكس، وربما قليل من الفاكسات».

«كلمة سهم لم ترد في أي بيت شعر، إلا مع الحب أو التوفيق، عليك بالأسهم اسمع مني! نحن ناس خبرنا الحياة بحلوها ومرها».

«لو كنت مكانك سأشتري عملات عراقية، بما لا يقل عن مليون درهم، بعد الحرب ستتكرر قصة اليابان وألمانيا في العراق، وسيصبح الدينار بمثيله الكويتي، ستلعب بالفلوس لعب».

«لا.. لا.. لا.. لماذا تفكر بسلبية دائماً، إنها لا تخرفنك! إنني أرى الحب في عينيها، وما قصة عبلي رصيد سوى حجة أيها البليد، إنها تحبك!».

«رحمه الله! نصائحه هي التي أنارت لي الدرب، وهي جميعها كما لاحظت فعلاً في مكانها الصحيح، وهي التي جعلتني على ما أنا عليه اليوم (...)، صحيح أنني أتردّد كلما وقفت على قبره بين أن أقرأ له الفاتحة أو أقوم بأمر آخر، ولكن صدقني أنا لا أحمل في قلبي أي شيء تجاهه سوى الحب، كل الحب، وذلك الإحساس المرير بفقد آخر من الطيبين».

في حياة كل منا ذلك الرجل، ربما كان عاملاً في المقهى الذي تجلس فيه، ربما كان صديق دراسة قديماً، ربما كان رجلاً دخل إلى حياتك عنوة وأصبح جزءاً منها، لا أعرف لهم اسماً علمياً محدداً، يسميهم البعض البسطاء، ويسميهم آخرون الدراويش، أهل الله، أولئك الذين إذا حضروا لم يُعرفوا، وإذا غابوا لم يفتقدوا،

أولئك الذين تكون قمة سعادتهم في هذه الدنيا أن يفوزوا في لعبة دومينو، أولئك الذين تكون مصيبتهم الكبرى في أن فريقهم خسر أمام غريم تقليدي، أولئك الذين لا يعرفون الخطط ولا المؤامرات ولا يفرقون بين تيار وآخر، الطيب لديهم هو من كان طيباً معهم، والنذل هو من تناذل معهم، ما دينه، ما همه، ما اسم أمه، ما مقاس ملابسه الداخلية، تلك أمور لا تشغل بالهم!

في حياة كل منا ذلك الرجل الذي تخجل من تقديمه إلى الصفوف الأولى، حين تكون مع علية القوم، بل تؤشر إليه أن يبقى مكانه كيلا يفضحك، ولكن في المقابل حين تسودّ الدنيا في وجهك، فهو أول من تلجأ إليه، لعله يعيد إليك بسمة وهو يعرف كيف يفعلها، أو لعله يشعرك بأن الدنيا مازالت بخير.

سعادته في أبسط ما تقدمه إليه، حبه لك غير مقيد بما أنت فيه، بل بما أنت عليه، فهلا نفضت من حولك زيف الآخرين، وتذكرته اليوم، قبل أن يصير إلى ما صار إليه صاحبي!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر