مزاح.. ورماح

شؤون «داخلية»

أحمد حسن الزعبي

الأسبوع الماضي.. المجلس منعقد، النصاب مكتمل، الحضور في أَوْجه، خلف الطاولات أعضاء يرتدون ربطات عنق أنيقة وبدلات غامقة، يتهامسون في ما بينهم، ويتبادلون الآراء والابتسامات، بينما رئيس البرلمان يجلس على كرسيه يضع اللمسات الأخيرة على التصويت.. بين كراسي البرلمانيين نائب يقوم ويجلس بطريقة مريبة، يحمرّ وجهه، ينفخ ضجراً ثم يحاول تسلية نفسه بأي شيء، بعد ثوانٍ قليلة يقف ثانية، مستغلاً انشغال زملائه بالتحضير للتصويت، يحاول «تجذيب» بنطاله من جهات عدّة، ليحدث اتساعاً وراحة لكنه يفشل على ما يبدو!

وعند ساعة الصفر، وتحديداً أول ما بدأ زملاؤه في البرلمان بالوقوف للتصويت تباعاً، هجر مكانه وهرول خارج القاعة وهو يردد: «إنه لقرار أحمق أن تشتري سروالاً من متجر محلي»!

هذا ما حدث بالضبط مع النائب الديمقراطي في البرلمان الكندي، بات مارتن، حيث اضطر، الخميس الماضي، إلى ترك الجلسة المنعقدة وترك التصويت، وذهب ليحل شؤونه الداخلية الأكثر إلحاحاً من أي قضية أو ملف آخر، وبعد فترة ليست بطويلة، وعودته مرتاحاً صافي الوجه متزن الحركات، ويشعر بهدوء وانفكاك، قال لزملائه شارحاً: إن «القصة وما فيها أنه وجد متجراً كان يبيع ملابس الرجال الداخلية بنصف سعرها، فاشترى حزمة منها، ليكتشف أن جميعها ضيقة وضيقة جداً، ومن الصعب عليه الجلوس فترة طويلة بحضورها»، فقوبل بموجة من الضحك والتصفيق والتصفير!

بغضّ النظر عما إذا كان السبب الذي قاله صالحاً للنشر أم لا، فما قام به الرجل منطقي وطبيعي ومنسجم مع الذات.. فكيف له أن يحل مشكلات الأمة وهو لا يستطيع أن يحلّ «دكّة» سرواله.. كيف له أن يفكّر في خطوات واسعة نحو الرقابة البرلمانية، بينما سرواله يمنعه من أن ينفذ نصف خطوة ناجحة، كيف له أن يفكر في توسيع العلاقات الخارجية لبلاده، والعلاقات الداخلية في قمة الضيق والشدّة؟!

فقط لو ألتقى بات مارتن، لسألته سؤالاً يحيرني منذ زمن: تُرى هل التقى «نواباً» عرباً في المتجر نفسه، الذي اشترى منه سراويله الضيقة أم لا؟ بصراحة لأنه كلما أُجري تصويت مهم على قرار مهم في برلمان عربي، يغادر النواب الجلسة على طريقة «بات مارتن»، لكن الفرق بينه وبينهم أن مارتن «خلعه» وعاد، وهم «يخلعون» من الجلسة ولا يعودون.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر