5 دقائق

«مطاوعة نص كُم!»

خالد السويدي

مثلما ابتلينا و«ابتلشنا» بموضة الليبراليين الجدد، كان لابد أن «نبتلش» كذلك بالمطاوعة الجدد، هنا لا أقصد بالمطاوعة الشباب الملتزمين، ولا أولئك الذين ارتدوا عباءات الدين لسنوات، ثم أذاقوا غيرهم كأس الحنظل، إنما أقصد موضة الشباب، الذين يعتقدون أنهم تدينوا والتزموا، وصاروا ينفّرون غيرهم من المسلمين وغير المسلمين، بأساليبهم في النقاش والإقصاء والتكفير أحياناً.

هناك مطاوعة جدد قمة في الأخلاق والرقي والتعامل، يعكسون الصورة السمحة للإسلام في كل شيء.

بعض المطاوعة الجدد كانوا من تلك النوعية، التي عاشت في ضلال وفساد ثم تابت إلى الله، وبطبيعة الحال إنّ الله يحب التوابين، والتوبة تطهير لما قبلها، بيد أنّ المشكلة في هؤلاء أنهم كانوا في أقصى اليسار، وتحولوا إلى أقصى اليمين، مع أن الإسلام دين الوسطية، إلا أنه لا وسطية عندهم في الدين.

ينشطون بكثرة في وسائل التواصل الاجتماعي، يرهبون غيرهم بأساليبهم وطرق حوارهم المتشددة، يمارسون الإقصاء وإلصاق التهم بمن يختلف معهم، لا يختلفون في هذا الأسلوب عن الليبراليين الجدد، فهما عينتان متشابهتان في التعامل، حتى إن اختلف الفكر، يعتقدون أن «المطوع» يجب أن يكون جاداً في كل موضوعات الحديث، لا يضحك ولا يمزح، بل يجب أن تنطلق منه شرارات الترهيب والوعيد بآيات الله، ونسوا آيات اللين وحسن التعامل والجدال بالحسنى.

بسبب هؤلاء وغيرهم صرنا، وللأسف، ننظر بعين الارتياب لكل من أطلق اللحية وقصّر ثوبه، كل هذا الشك بفعل إساءات هؤلاء للإسلام بأفعالهم وأقوالهم والفتاوى الغريبة، ثم تكتشف أن أحدهم يمارس الفتوى مع أنه ساقط في الصف الثاني الإعدادي.

بالطبع لا يعني هذا أن أتفق مع المطاوعة الذين يحللون ويتساهلون في الكثير من الأمور التي فيها الكثير من الشك، وإنما أجد نفسي مع الاعتدال في كل شيء، فالدين الإسلامي السمح يحترم جميع الديانات، وأرسى حق التعايش بسلام بين جميع العرقيات والطوائف.

باختصار، هناك مطاوعة جدد قمة في الأخلاق والرقي والتعامل، يعكسون الصورة السمحة للإسلام في كل شيء، ويجب أن نعي تماماً أنه ليس كل من أطلق اللحية لتصل إلى صدره مطوعاً، وليس كل من تحدث عن الأحكام الشرعية ضالعاً فيها، الجنة والنار بيد رب العالمين، وليست صكوكاً يوزعها «مطاوعة النص كُم» على هذا وذاك.

Emarat55@hotmail.com

Twitter: @almzoohi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر