كل يوم

«أيادي دبي».. إبداع إنساني غير عادي

سامي الريامي

عندما يتعلق الأمر بنشر الخير، ورسم البسمة على شفاه المحتاج، فإن الأمر يتجاوز كل رسميات، ويتخطى كل عقبات، ويسعى الجميع نحو هذا الهدف بتناغم وتنسيق، بعيداً جداً عن مقولة «هذا ليس عملي»، بل يلتف الجميع حول الجهة صاحبة المبادرة الإنسانية، ويتفانى الجميع بإخلاص في الوصول إلى الهدف الخيري المنشود، وتصبح المبادرة واجباً والتزاماً شخصياً لكل عضو في الفريق.

هذا ما بدا واضحاً في مبادرة «أيادي دبي»، التي أطلقتها دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، بالاشتراك مع نحو عشر جهات ودوائر حكومية في الإمارة، وهي إحدى المبادرات المميزة جداً، التي تلفت نظر كل من يتعمق في تفاصيلها، خصوصاً أنها تركز على عمل إنساني بحت، لا يرتبط بشكل مباشر بعمل هذه الجهات، بل هي خدمة إضافية تقدمها هذه الجهات التي انضمت إلى المبادرة، لتحقيق هدف واضح، هو نشر الخير فقط، ومساعدة المحتاجين ودعمهم، ومحاولة إسعادهم وإبعاد الهمّ والحزن عنهم.

مبادرة «أيادي دبي» عمل إنساني إبداعي مميز، يتجاوز جميع الأعمال الخيرية التقليدية.

المبادرة تستهدف توفير خدمات إنسانية لنحو مليون عامل ونزيل في المؤسسات الإصلاحية، وذوي الإعاقة، وهذه الفئات تشكل عملياً نحو 45% من سكان الإمارة، ما يعكس ضخامة الفكرة ورقيها وتفردها، فهي المبادرة الأولى من نوعها في الدولة التي تستهدف الفئات الثلاث بخدمات متكاملة.

هذه الجهات نسّقت في ما بينها لتوفر العديد من الخدمات للفئات المستهدفة، من بينها توفير الطعام لمئات الآلاف من العمال، ومدهم بالماء في أشهر الصيف في مواقع العمل، ومساعدة غير القادرين على العودة إلى بلادهم، إلى جانب مساعدة نزلاء المؤسسات الإصلاحية ممن انتهت فترة محكوميتهم، ويحتاجون إلى من يسدّد عنهم ديونهم، وتوظيف فئات من ذوي الإعاقة.

هي ليست فكرة عابرة مرتبطة بتوقيت معين، أو مناسبة معينة، بل هي قناعات لدى كل هذه الجهات، أدت إلى وضع برنامج عمل إنساني اجتماعي تفاعلي سنوي، يقوم على أساس شراكات استراتيجية بين دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، وجهات حكومية وخاصة، جميعها تحملت المسؤولية، وجميعها لبّت نداء الخير ودعم العمل الإنساني بلا حدود.

واللافت في المبادرة، علاوة على كونها أداة إنسانية فعالة في توفير احتياجات فئات محتاجة، أن مثل هذه البرامج تأتي كإجراء استباقي ووقائي، لمنع أي صعوبات تواجه فئة العمال، وإزالة الأسباب التي قد تدفع البعض للخروج على القانون، وهو عمل وطني يستحق الإشادة، فضلاً عن كونه عملاً إنسانياً وخيرياً.

والجميل أيضاً اتباع الأسلوب التفاعلي مع الفئات المستهدفة من المبادرة، فهي ليست توزيع مساعدات وماء وطعام فقط، بل هي مشاركة، واستماع، واهتمام، وعلى سبيل المثال، فهي تتضمن برنامج «صوتي»، الذي يهدف إلى تعريف فئات العمال والمساجين والمعاقين بحقوقهم، وعلاج مشكلاتهم، والتفاعل معهم، عبر فتح قنوات اتصال مباشرة بينهم وبين فريق المبادرة، الذي يضم الجهات الحكومية المعنية بالفئات الثلاث، كما تتضمن المبادرة برنامج «ملتقى العطاء»، الذي يهدف إلى دعم التنمية الشاملة للفئات الثلاث، ويشمل أنشطة السوق الخيرية، والاندماج المجتمعي، وبرامج بناء القدرات والتمكين الوظيفي، وتمتد أنشطتها إلى أسر المساجين، من خلال توفير حياة كريمة لهم، ومساعدة المعاقين على الاندماج في المجتمع، من خلال توفير وظائف مناسبة لهم. عمل إنساني إبداعي مميز، يتجاوز جميع الأعمال الخيرية التقليدية، فيه مزج جميل بين خدمة الوطن وخدمة المحتاجين، وفيه رؤية وبُعد نظر، وفتح آفاق رحبة من العمل الخيري المتطور ذي الأهداف الواضحة، فكل الشكر والتقدير لكل يد شاركت في «أيادي دبي»!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر