مزاح.. ورماح

لا يوجد حمام فوق أسطح هذه المدينة!

عبدالله الشويخ

أنت تعرف بالطبع ذلك الصنف من البنات الصغيرات غير الموجود لا في عائلتي ولا في عائلتك.. من أين يأتي الشاميون بلون العيون الغريب هذا؟! لا تستطيع أن تسميها سوداء ولكنك في الوقت نفسه لا تستطيع أن تراها صفراء.. هو لون معين لا يوجد إلا في المقياس الذي نسميه في الصحافة «ألوان بنيتون للطباعة».. كنتُ أحب أن أزور والدها فقط لكي أداعبها عبر الطريقة العربية التقليدية.. الاعتصار.. كتم النفس.. شد الشعر الأشقر الجميل.. ثم الوصول إلى قمة التعبير عن حب الأطفال على الطريقة العربية، وهي القرص على الخدين وأماكن أخرى.. وبعد أن تبدأ الطفلة بالبكاء تحس بأنك قد أتممت مهمتك الإنسانية، فتسألها سؤال الواثق: هل تحبينني أم لا؟

في ذلك اليوم ذهبت لكي أمارس ساديتي الدورية على الطفلة المسكينة.. جلست بجوار أبيها وسألت عنها فأخبرني بأنه قد أرسلها إلى البقالة لشراء بعض الأمور (...)، الطفلة ذات الخمس سنوات ذهبت للشراء من بقالة تبعد مربعاً سكنياً كاملاً وبمفردها! كان الأب يتصرف بطريقة عادية وكأنه قد أرسل شاباً يرتاد «الجيم» ولديه ضربة موس في خده إلى البقالة.. تأخر الوقت وبدأت الشمس تميل إلى إجازتها اليومية.. وبدأت أشعر بالقلق فعلاً وأفكر في الانتقام للعبتي من والدها عبر ما هو أكثر من قرصة على الخدين.. لولا أن عادت الجميلة بعد قليل.. وحدجني والدها بنظرة: ألم أقل لك إن الدار أمن وأمان؟!

بعيداً عن هذا الأب متبلد الشعور هناك خبر نشر في الأيام الماضية يستحق الوقوف ورفع العقال.. الأول حول قائمة الدول التي نشرت على أنها «أفضل مكان لتربية أبنائك»، وجاءت دولة الإمارات فيها كإحدى أفضل الدول عالمياً والأولى عربياً.. لمن عاش في أيامنا، حيث لم تكن تعود من المدرسة ولا يوجد موضع في جسدك إلا وبه طعنة موس أو كدمة بوكس، سيعرف كمّ التغيير الذي نجحت الجهات المسؤولة في صنعه في المجتمع، وكم هو الجيل الجديد محظوظ بكمّ القوانين والإجراءات التي تحميه.

ننتقد دائماً كإعلام وكمجتمع المظاهر السلبية حين تحدث، لكن من باب العدل ولأنه «من لم يشكر الناس لم يشكر الله»، فعلينا أيضاً أن نذكر التغييرات الإيجابية بصدق حين تحصل.. وما يحدث للطفل في هذه الأيام غير مسبوق: إدارة كاملة للحماية.. برنامج للهواتف الذكية للمتابعة عبر وزارة الداخلية عن طريق هواتف الأطفال المحمولة.. قانون واضح وشامل وصارم (قانون وديمة).. «خط ساخن» على مدار الساعة يحفظه جميع الأطفال! بل وحتى لعبة «شرطة الأطفال» التي أصبحت الأكثر شعبية بينهم!

نستطيع القول إن الجهة المعنية بالملف قد قامت بكل ما هو مطلوب منها خلال السنوات الأخيرة وأكثر، ولم يبق سوى جزء يسير علينا كآباء تكملته.. جزء صغير من المسؤولية والاهتمام.

وبداية الاطمئنان على مستقبل أبنائنا تبدأ بجمع أغراس الفيلة والتماسيح من على الأسطح!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر