5 دقائق

التطرف أسباب وحلول 4/2

د.عبدالله الكمالي

ومن أسباب التطرف بُعد الشباب عن العلماء، فعواطفهم غير المنضبطة تجاه بعض القضايا قد تقودهم إلى التطرف، ومن الكلمات التي يرددها العلماء: «العاطفة إن لم تقيد بالشرع أصبحت عاصفة»، وهذا ما نراه بشكل جليّ، فمعظم من ينخدع بتنظيمات التطرف والتشدد لم يجلس إلى العلماء ولا يعرف حلقاتهم، فمن أكبر مصائد هذه التنظيمات إقناع الشباب بانحراف العلماء وتكفيرهم، ليخلو لهم الجو لنشر باطلهم، والعجب من سذاجة بعض الشباب حين يترك مجالس عالم مشهور بالورع والعلم، وينخدع بأسماء وهمية عبر مواقع التواصل تغرس في فكره التشدد وسفك الدماء، وإذا اجتمع الجهل مع بُعدٍ عن العلماء وجرأة على الدماء فهنا يصبح بعض الشباب دمية في يد قادة تنظمات الغلو، فيلعبون بشبابنا كما يحلو لهم، ولهؤلاء القادة أسلوب آخر في صرف الشباب عن العلماء، فهم يسلطون الضوء على أفكار تخالف أصول أهل السنة والجماعة ممن يتساهلون مع جماعات الغلو، ولديهم ضبط لبعض مسائل العلم الأخرى، ويخلعون عليهم ألقاب التفخيم والتبجيل، ويُزهدون الناس في العلماء الراسخين، وبذلك يصنعون للشباب المتحمس رموزاً في العلم تقودهم في النهاية لأمور وخيمة، والويل لمن يحذّر من هؤلاء الرموز، فلحومهم مسمومة، وأما لحوم العلماء الكبار فحلال! والبعد عن العلماء الراسخين يوقع الناشئة في تخبطات، وتكوين أفكار مغلوطة عن بعض المسائل الشرعية، فتختلط عليهم الأحكام الفقهية المتعلقة بالجهاد وفقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لذلك قال سفيان الثوري: «لا يأمر السلطان بالمعروف إلا رجل عالم بما يأمر وينهى، رفيق بما يأمر وينهى»، فهذه المسائل تحتاج إلى علم ودراية، ومن كان بعيداً عن العلماء فلن يضبط هذه المسائل المهمة، والفتن إن أقبلت عرفها العلماء، وإذا أدبرت عرفها كل أحد، لذلك لا نجد مع جماعات الغلو أي عالم، فحالهم كما وصفهم النبي، صلى الله عليه وسلم: «حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام»، لذلك تعادي هذه الجماعات العلماء، فيصفونهم بأقبح الصفات، ثم يقدمون للناشئة بديلاً لا علم عنده ولا تمكّن، فيفتون في مسائل عظيمة بجرأة ودم بارد، فلا تصبح المسألة مجرد فكر متطرف بل تصبح أفعالاً متطرفة، فتخرج من حيز الأفكار إلى واقع الأفعال، وهذا الأمر يصرح به بعض من تراجع عن أفكار الغلو، فمن أعظم أساليبهم مكراً الطعن في العلماء وتخوين الأئمة، فتسهل بعدها السيطرة على عقول الشباب.

البعد عن العلماء الراسخين يوقع الناشئة في تخبطات واضحة، وتكوين أفكار مغلوطة عن بعض المسائل الشرعية.

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم

بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

@alkamali11

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر