كل يوم

تمكين القانون للقضاء على الفوضى

سامي الريامي

خلال اجتماعات رؤساء تحرير الصحف الخليجية، التي انعقدت الثلاثاء الماضي في العاصمة العُمانية مسقط، فوجئت برئيس تحرير صحيفة خليجية يسألني عن تفاصيل سقوط طائرة في الإمارات، ظننت أن الأمر التبس عليه، وأنه يتحدث عن طائرة «فلاي دبي» التي تعرضت لإطلاق نار في مطار بغداد، فأجبته بأن هناك إصابات محدودة جداً، فأصر على أن الأمر لا يتعلق بإطلاق نار، وأن هناك طائرة سقطت للتو في رأس الخيمة!

«التقنية، ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت مثل المسدس في متناول الأطفال الصغار، وكل طفل يستطيع أن يضغط على الزناد ليصيب ويقتل في أي وقت، والحل هنا لن يكون بوقف صنع المسدسات، بل بتأديب الأطفال».

وفي الوقت نفسه، إذ برسالة أخرى من صديق عزيز، موجود في العاصمة البريطانية لندن، يستفسر بقلق عن موضوع الطائرة، أدركت هنا أن ثمة شائعة منتشرة بقوة، وبالفعل صدق هذا التوقع، حيث ثبت أن هناك شائعة أطلقها شاب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حوَّل فيها حريقاً عادياً إلى حادثة سقوط طائرة، لتنتشر بسرعة كبيرة، وتنشر معها الرعب والقلق والخوف داخل الدولة وخارجها!

لا أعرف كيف يمكن أن يحلل علماء النفس شخصية وسلوك هذا الشاب، ولا أعرف ماذا استفاد هو شخصياً من نشر هذا الكذب، وما هدفه من بث الخوف والقلق، ليس فقط داخل حدود الدولة، بل تجاوزها إلى الخارج، وهو أمر طبيعي مع تطور وسائل التقنية والاتصالات، فهل يدرك هذا الشخص غير المبالي أبعاد وخطورة هذا الفعل؟!

التقنية، ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت مثل المسدس في متناول الأطفال الصغار، وكل طفل يستطيع أن يضغط على الزناد ليصيب ويقتل في أي وقت، والحل هنا لن يكون بوقف صنع المسدسات، بل بتأديب الأطفال، وقطع الطريق عليهم قبل أن تصل أيديهم إلى الزناد، لذا فمن الضروري جداً أن تتم ملاحقة هذا الشاب قانونياً، وقضائياً، ومن الضروري جداً أن يأخذ القانون مجراه، وتنفذ بنوده على مرتكب هذا الفعل المسيء والخطر، فإثارة البلبلة، وهز مشاعر الناس، وبث الخوف، لا يمكن اعتبارها مزحة أو تسلية، إنها خروقات للقانون، وجرائم يعاقب عليها قانون الدولة، يجب أن يعي الجميع ذلك!

إنها مساحة خصبة للفوضى، ووسيلة لتحقيق ذات نفوس مريضة، تضرر منها المجتمع كثيراً، ولا يمكن إبقاؤها على هذه الحال، خصوصاً بعد أن تطاير شرها وشررها، لذا لابد من التنظيم، ولابد من تطبيق القوانين، ربما تكون المهمة صعبة، لكنها ليست مستحيلة، والتطور في التقنية والاتصالات، كما هو عامل مساعد لنشر الشائعات والكذب، هو عامل مساعد أيضاً لسرعة ضبط المتجاوزين وناشري الشائعات والكذب.

قبل أسبوعين، نشر شاب، وبتفاخر، طريقة مبتكرة لتغطية لوحة أرقام سيارة، وطالب الشباب بالسرعة وتجاوز الرادارات، وبعد انتشار الفيديو سريعاً، كان هذا الشاب، وبسرعة مشابهة، في قبضة شرطة أبوظبي، وهو الآن يواجه القانون الذي حاول التعدي عليه من خلال نشر الفوضى، وهذا هو المطلوب، تمكين القانون من هؤلاء للقضاء على عدم مبالاتهم واستهتارهم، وتمكين القانون من تنظيم عشوائية وفوضى التواصل الاجتماعي!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر