كل يوم

العلم والتقنية هما الحل الأمثل..

سامي الريامي

الأسبوع الماضي، أطلقت الإمارات برنامجاً يُعد واحداً من أهم البرامج العلمية تطوراً في المضمون، ورقياً في الفكرة، فيه الكثير من بعد النظر والرؤية الشاملة التي تتجاوز الوقت الحاضر لتفيد الأجيال المقبلة قبل الحالية، وفيه تخطيط عملي لمستقبل أفضل للدولة والمواطنين، إنه «برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار».

«أدرك المسؤولون أن الإمارات نظراً إلى طبيعتها شبه الاستوائية، فإن تأمين إمدادات مستدامة من المياه يُعدّ من أكبر التحديات الرئيسة التي ستواجهها مستقبلاً».

البرنامج هو منحة إماراتية قيمتها خمسة ملايين دولار تقدم إلى خمسة مشروعات متميزة، وتسهم في تعزيز المكانة الريادية للدولة في مجالات علوم وتكنولوجيا وتنفيذ خطط الاستمطار في المناطق شبه الجافة حول العالم.

هذه الرؤية المتميزة، وهذا التفكير العلمي التقني الحضاري، جاء بعد أن أدرك المسؤولون أن الإمارات نظراً إلى طبيعتها شبه الاستوائية، فإن تأمين إمدادات مستدامة من المياه يُعد من أكبر التحديات الرئيسة التي ستواجهها مستقبلاً، لذلك لم يركنوا، ولم يستسلموا للأمر، بل لجأوا إلى العلم والتقنية، وبذلوا الجهد والمال لتخفيف حدة معاناة متوقعة، جراء النقص المتوقع في إمدادات المياه مستقبلاً.

برنامج الإمارات سيفتح المجال لجميع العلماء والباحثين والمتميزين في مجال بحوث علم الاستمطار من كل العالم، خصوصاً أن هذا العلم يُعد أحد العلوم الجديدة، لذلك فالباب مفتوح للإبداع وإطلاق عنان الأفكار والأبحاث للجميع، حيث سيمدهم البرنامج بجميع ما يحتاجون إليه في فترة التجارب، وستكون هناك مبالغ مالية مرصودة لتطوير البحوث التي سيكون لها تأثير في هذا المجال، إضافة إلى الدعم الكامل حتى نجاح التجارب، وهذا دون شك سيسهم في تطوير علم الاستمطار، والخروج بنتائج إيجابية ربما لم تكن متوقعة، أو طرق ووسائل استمطار جديدة لم تكن معهودة.

التركيز على العلم والتقنية هو الخيار الأفضل لحل كثير من المشكلات، وبما أن العلم هنا أسهم بشكل فاعل في زيادة كميات الأمطار، فنحن أحوج ما نكون إليه، ولا بأس في صرف ملايين الدولارات حالياً في هذا المجال، فهي دون شك ستعود علينا وعلى البيئة والأجيال المقبلة بنفع لن يستطيع أحد أن يقدره بثمن آنذاك، وهذه هي استراتيجية قادتنا الناجحة التي حولت هذه البقعة من العالم من صحراء قاحلة إلى وجهة سياحية لعشرات الملايين، وإلى عاصمة للمال والأعمال في المنطقة، والآن تتحول إلى منصة عالمية لعلم الاستمطار.

وباختصار فإن عمليات الاستمطار تتمحور حول تحفيز بعض السحب على إنزال كميات أكثر من المياه، من خلال تلقيحها وفقاً لمعطيات وأساليب علمية، بمعنى أن طائرات الاستمطار لا تستطيع إنزال المطر من سحابة لا ماء فيها، كما أن ليست كل سحابة تستحق بذل جهد لاستمطارها، فهذا يعتمد على حسابات ومتابعات دقيقة من مكتب الاستمطار في المركز الوطني للأرصاد والزلازل، لذلك لن يكون هناك استمطار إذا لم يوجد سحاب به كمية معقولة من المياه تجعل الفرصة مواتية وتستحق التلقيح، هذا للعلم فقط.

ما يحدث في المركز الوطني للأرصاد، وما يقوم به الشباب المواطنون والأخوة الموظفون الأكفاء هناك يُعد مفخرة حقيقية للإمارات، فهم يقدمون تجارب مذهلة في هذا العلم، ويعملون بصمت لتطوير هذا القطاع، وفي المقابل فهم يحصلون على دعم كبير من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، الذي وضع ثقته فيهم، ووفر لهم جميع الاحتياجات، ليصبح المركز اليوم متطوراً للغاية، وهو يقدم اليوم خدمات جليلة للدولة، قليلون هم الذين يعرفون أهميتها.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

 

 

تويتر