5 دقائق

التطرف أسباب وحلول 1/4

د.عبدالله الكمالي

من المعضلات الكبرى التي تواجه مختلف الدول والحكومات في أيامنا، مشكلة التطرف والغلو والتشدد، وهذه المشكلة ليست وليدة هذه الأحداث التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية، وإنما هي مشكلة قديمة عبر التاريخ، وهي مشكلة لا تتعلق بالمسلمين فقط، ففي الديانات الأخرى نزعات للتطرف والغلو والميل لسفك الدماء، ومن أراد الوقوف على نماذج من ذلك فليراجع ما كتبه المؤرخ المصري، محمد عبدالله عنان، في كتابه: تاريخ الجمعيات السرية والحركات الهدامة في المشرق، ولعلاج مشكلة التطرف لابد أولاً من دراسة الأسباب المؤدية إليه، حتى نتمكن من وقاية المجتمعات من الأفكار المتطرفة، التي تقودها في هذه الأيام فرق وجماعات تولدت من تنظيم القاعدة المعروف بالتطرف، وهذه الفرق المختلفة، كـ«داعش» و«النصرة» وغيرهما، لها صلة وثيقة بجماعة الإخوان المسلمين، التي تميل عن المنهج الوسطي القويم المبني على الكتاب والسنة بفهم العلماء والأئمة، فمن أقبح آثار التطرف والغلو وجود فتنة التكفير وإراقة دماء الأبرياء، والاستهانة بالدماء والأموال المعصومة، فكلنا يشاهد دموية تنظيم داعش وشدة ميله لسفك الدماء والتقرب لله بإراقتها! فيا ترى كيف نجح هذا التنظيم الدموي في إقناع شريحة من الشباب المتحمس، بل وحتى بعض النساء، بفكره الضال؟! إن الجواب عن هذا السؤال يقودنا إلى تحديد سبب مهم جداً للوقوع في التطرف والغلو، ألا وهو الجهل وقلة العلم الشرعي، وهذا هو القاسم المشترك بين جميع الشباب الذين انخدعوا بتنظيمات التطرف والغلو، فبسبب قلة علمهم وثقافتهم الهشة يسهل تجنيدهم وغسل عقولهم، من دون أدنى كلفة أو تعب، فمقطع واحد من مقاطع الـ«يوتيوب» قد تغرر بشاب في مقبل العمر، فأعضاء هذه التنظيمات يبرعون في استغلال جهل الشباب وقلة علمهم، ثم يطرحون فكرهم المتطرف في قالب عاطفي بعبارات بلاغية قوية ومؤثرة، مع مخاطبة لمشاعر شاب لا يملك حصانة فكرية، فهنا تكون الخطورة كبيرة على شبابنا، خصوصاً في عصر الإعلام الجديد، فالوصول إلى عقل أي شاب في غاية السهولة، وقادة هذه التنظيمات يتبعون أسلوباً خبيثاً في نشر فكرهم، فقاعدتهم: «إن لم تكن معنا فلا تكن ضدنا»، فتحييد عقول الشباب ضدهم هدف كبير لهذه التنظيمات، وسمة الجهل من أبرز سمات الخوارج على مر التاريخ، فهم يتصورون الغلو ديناً وأجراً، والتكفير المنفلت عبادة، وتفجير النفس وقتلها وترويع الآمنين جهاداً، بسبب جهلهم في الدين، لذلك يمقتون العلماء، لأنهم على علم بألاعيبهم.

بسبب قلة علمهم وثقافتهم الهشة، يسهل تجنيدهم وغسل عقولهم، من دون أدنى كلفة أو تعب.

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم

بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

@alkamali11

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر