5 دقائق

لا تميز دون ثقافة التميز

الدكتور علاء جراد

هناك شيء يتوافق عليه معظم البشر، وهو الرغبة في التميز، سواء في العمل أو على الصعيدين الاجتماعي والأسري، ومتى أصبحت لدينا قناعة بأهمية التميز فلابد أن تتحول هذه القناعة إلى تصرفات على أرض الواقع. وكذلك الحال بالنسبة للمؤسسات، فعلى الرغم من اهتمام الكثير منها بتطوير أدائها، لكن الفرصة الحقيقية للتميز لم تأخذ حقها في الاهتمام ألا وهي بناء ثقافة التميز وتحويلها إلى ثقافة مؤسسية، وهي مزيج متجانس من القيم والمعتقدات والعادات والسلوكيات واللوائح والنظم التي يتبعها العاملون بالمؤسسة، وهذا هو محور نماذج التميز ومواصفات الجودة، مثل النموذج الأوروبي أو مواصفات الأيزو، فالقاسم المشترك في كل النماذج والمواصفات هو بناء «ثقافة التميز المؤسسي»، فالتميز قبل أن يكون ممارسات ووثائق ترشيح هو في الأساس ثقافة وقناعة.

«تتبنى بعض المؤسسات نماذج التميز، لأنها مفروضة عليها، أو من أجل الحصول على الجائزة فقط، وليس لقناعة الإدارة بأهمية التميز».

تتبنى بعض المؤسسات نماذج التميز لأنها مفروضة عليها، أو من أجل الحصول على الجائزة فقط، وليس لقناعة الإدارة بأهمية التميز، وتعمل تلك المؤسسات على «إرضاء» المقيمين فقط، وبالتالي فهي تعتبر السعي في رحلة التميز بمثابة عبء إضافي «يعطل» الموظفين ويهدر الموارد. بالطبع إذا اقتصر التركيز على تعبئة الخانات فقط ومحاولة إبهار المقيمين فلاشك أن النظرة ستكون كذلك، ولا شك أن النتيجة ستكون سلبية ولن تحصل المؤسسة على ما تطمح إليه حتى وإن حصلت على بعض الدرجات، فلا يمكن أن يستدام ذلك ما لم تتغير الثقافة المؤسسية بداية بالإدارة العليا.

إذن ما ثقافة التميز التي ينبغي الاهتمام بها في المؤسسات؟ تتلخص هذه الثقافة في غرس مفاهيم الجودة والتعلم المؤسسي، ومن أهم هذه المفاهيم أولاً: الاستثمار في البشر وتحقيق النتائج من خلال دمج وإشراك الموظفين وتمكينهم ومواءمة البرامج التدريبية لتتماشى مع الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة، ثانياً: التأكيد على أهمية قياس المخرجات وتوثيق ذلك وتحليله واستخلاص الدروس المستفادة وتنفيذها. ثالثاً: الاهتمام بمتطلبات كل المعنيين سواء متعاملون أو شركاء أو فئات المجتمع. رابعاً: الالتزام بالمواعيد والمتسلمات، ومنها على سبيل المثال الالتزام بسداد مستحقات الموردين في الوقت المحدد، الذي يمثل مشكلة مزمنة لدى معظم المؤسسات، خامساً: الاهتمام بالدقة وعدم قبول الجودة الرديئة سواء من فريق العمل أو الشركاء، سادساً: الاهتمام بالتحسين المستمر والبعد عن «الغرور المؤسسي»، الذي تقع فيه بعض المؤسسات لمجرد حصولها على بعض الدروع أو الجوائز. إن التميز هو أسلوب حياة وليس دروعاً وجوائز، وينطبق ذلك على المؤسسات والأفراد، والإنسان المتميز في عمله غالباً ما يتميز في كل نواحي حياته.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر