5 دقائق

أسرار البيوت

د.عبدالله الكمالي

«إذا أغلق الناس أبواب بيوتهم تساوَوا»، فلا يعلم بالذي يجري في البيوت إلا أصحابها، فكم من بيوت جميلة البناء وفي داخلها تأوه مريض، أو دمعة مبتلى، أو أحزان يتيم، والعاقل من يحرص جاهداً على أن يجعل مشكلات بيته في بيته، فلا ينقلها معه خارج المنزل، فمن السلوكيات المرفوضة إفشاء أسرار البيوت ونشرها بين الناس، فقد مرت عليَّ حالات، تشتكي الزوجة فيها زوجها الذي يفشي أسرار بيته لبعض أقاربه من دون سبب أو مبرر، فيتكلم عن زوجته وتقصيرها معه، وعن بعض أخطائها، والإشكال أنه قد يتكلم أمام بعض من لا يحسن ضبط لسانه، فيقوم الثاني بإخبار زوجته بما حدّثه به فلان، وتكون الزوجة على معرفة بالمرأة المتكلم عنها، وهنا تقع إحراجات كثيرة وكبيرة، فإذا انتشر الخبر في مجالس النساء فلن تصبح الأمور الخاصة خاصة!

عندما تصبح خصوصيات الرجل عموميات، يحدث شرخ كبير في جدران بيت الزوجية.

ومرت عليّ بعض الحالات تقوم المرأة فيها بإفشاء أسرار البيت لبعض صديقاتها، ثم تخبر هذه الصديقة زوجها، وتصبح خصوصيات الرجل عموميات، ما يسبب شرخاً كبيراً في جدران بيت الزوجية، وقد يتفاقم الأمر ويتطور، بسبب شدة الصدمة من انتشار الأمور الخاصة، فتصل المسألة إلى الطلاق، والعياذ بالله، فلابد من حفظ أسرار البيوت، فمن الكلام ما يكون خاصاً، فلا يعقل أن نذيعه ونتحدث به في المجالس، ومن الكلام ما يكون عاماً فلا حرج في البوح به لأي أحد، فلابد من التفريق بين الأمرين، ومن طبّق القاعدة النبوية العظيمة: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت» فقد ارتاح، ومن مسائل إفشاء الأسرار ما تقوم به بعض الموظفات من إخبارها زوجها بأدق الأمور التي تجري بين زميلاتها في العمل، فيصبح الزوج على علم بأسماء الموظفات، ومشكلاتهن، وأخبارهن، وتفاصيل حياتهن! وهذا أمر سيئ، فليت بعض الأخوات يفرقن بين حياتهن الوظيفية وحياتهن الخاصة، فليس من المناسب طرح الأمور الخاصة على زميلات العمل، وأمور العمل ينبغي عليها ألا تنقلها معها إلى البيت، ويجب علينا ألا نفشي أسرار الناس، فمن أصدقائنا من يحب أن «يفضفض» عن بعض همومه، والمجالس بالأمانات، فلا ننشر أسراره ونتحدث بالأمور التي طلب صاحبها منا كتمانها، وليت بعضهم لو تكلم نقل الأمر على الحال التي أخبره بها صاحب الشأن، بل هو يضيف إلى الأخبار الخاصة زيادات من عنده طلباً للإثارة، فينصدم صاحب الشأن بأن الناس تداولوا مشكلته الأسرية بصورة مغايرة تماماً، فاحفظوا أسرار البيوت، ولا أجمل حقاً وصدقاً من شكاية الهم إلى الله.

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

@alkamali11

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر