كل يوم

«الدواعش».. تنظيماً وفعلاً وفكراً

سامي الريامي

«داعش» تنظيم إرهابي منتشر في العراق وسورية، لا خلاف على ذلك، لكنها ليست الحقيقة الكاملة، ومخطئ من يعتقد أن لـ«الدواعش» حدوداً في تلك الدولتين، حيث يتمركزون وتكمن خطورتهم، بل إن مكمن خطورة التنظيم هو انتشار الفكر «الداعشي»، ذلك الفكر الذي لا تحدّه حدود، وهو قائم على العنف، وإبادة كل من لا يتوافق معهم في الرأي، بغضّ النظر عن ديانته أو لغته أو لونه.

كل من يؤمن بهذا الفكر، وبسلب حقوق الآخرين في التعبير والتفكير، وبضرورة فرض فكر واحد، وقتل أو تكفير من يخالفه، الإسلام منه بريء، مهما كان مسمّاه أو شكله، ومهما كان حزبه أو فكره، لأن الفرض بالقوة هو مبدأ مخالف تماماً للإسلام، بل إنه مبدأ عاناه الإسلام كثيراً، خصوصاً في بدايات انتشار هذا الدين العظيم.

«كيف يمكن الربط بين ما نشاهده من أفعال (داعش) في العراق سورية، وأفكار (الدواعش) في مختلف بلدان العرب والمسلمين، وبين الإسلام الذي نعرفه، والذي نقرأ تعاليمه في قرآننا العظيم؟!».

المسلمون أنفسهم كانوا ضحية للتعنت والتشدد والتطرف الجاهلي، وواجهوا العنف والقسوة والتعذيب والقتل والمقاطعة، وكل أصناف العذاب، لسبب واحد، هو مخالفتهم الفكر السائد لدى قريش، وإيمانهم بوحدانية الله، عزّ وجلّ، وبرسالة محمد، صلى الله عليه وسلم، فحُرموا حقهم في العبادة، وتعرضوا للبطش، وحاول كفار قريش بكل الطرق إجبارهم على العودة إلى عبادة الأصنام، لذلك لا يمكن أبداً للإسلام أن يدعو إلى فعل عاناه المسلمون كثيراً، ولا يمكن أبداً أن يكون ديناً للتطرف والتشدّد، وهو الذي خرج من بيئة متشدّدة متطرفة، كانت العقول فيها أشد صلابة من الحجارة التي يعبدونها!

لا علاقة لكل من يضطهد إنساناً بسبب شكله أو دينه أو لونه بالإسلام، تعاليم الإسلام واضحة، وسيرة نبينا الكريم عطرة، مملوءة بالرحمة والسلام، وحبّ البشرية، والحكمة والموعظة، ولو كان، صلى الله عليه وسلم، فظاً شديداً متعنتاً قاسي القلب، لانفض الناس من حوله، ولما اجتمعوا على حبه، وهذا ليس بكلامي، بل كلام الله، عزّ وجلّ، فكيف يمكن الربط بين ما نشاهده من أفعال «داعش» في العراق سورية وأفكار «الدواعش» في مختلف بلدان العرب والمسلمين، وبين الإسلام الذي نعرفه، والذي نقرأ تعاليمه في قرآننا العظيم؟!

متى يفهم هؤلاء وغيرهم أن الدين علاقة بين الإنسان وربه، ولا دخل لأحد في ذلك، وربّ البشر هو القدير الحكيم، الذي سيحاسب الناس جميعاً، وهو، تعالى، لم يأمر بقطع رقاب غير المسلمين، ولم يأمر بقتل المسلمين وتعذيبهم إذا لم يصلّوا جماعة، كما لم يأمر بانتهاك الإنسانية بحجة إدخالهم في الإسلام، بل هو القائل «لكم دينكم وليَ دين»!

لا نقبل بأي فكر «داعشي» في مجتمعنا، ويجب علينا جميعاً محاربة ومواجهة أي بذور أو ملامح للتطرف، علينا جميعاً أن نسهم في تنمية وتطوير بلدنا، والعمل على استتباب الأمن والأمان والاستقرار لنا وللأجيال المقبلة، عبر زرع مبادئ الدين الصحيحة القائمة على الرحمة والتراحم، والتعايش السلمي مع الجميع، وأن نجعل الناس تقتنع بديننا وتدخله، بعد أن تلمس ذلك في تصرفاتنا وسلوكياتنا وأخلاقنا النبيلة معهم، هكذا فعل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهكذا انتشر الإسلام في آسيا وإفريقيا، عن طريق أخلاق التجّار المسلمين، أما «الدواعش»، تنظيماً وفعلاً وفكراً، فهم أكثر من أساء للإسلام والمسلمين على مر العصور جميعها!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر