5 دقائق

اغتيال الطفولة

د.عبدالله الكمالي

الأطفال جمال هذه الحياة وزينتها وروحها، وهم ورد كل منزل وعبَقه ورياحينه، والبيت الذي يخلو من الأطفال قد تغيب عنه الابتسامة، وأصحابه يتمنون أن يرزقهم الله بطفل ولو كان معاقاً، فاللهم ارزقهم الذرية الصالحة يا كريم.

ومن المؤلم أن تتعرض الطفولة للاغتيال أمام أفراد الأسرة دون إدراكهم خطورة الأمر، ولا أتكلم هنا عن قتل الأطفال، لكن من الجرائم الشنيعة التي ترتكب في حق الطفولة وجود مشاهد مخلّة تعرض في بعض أفلام الكرتون للصغار، فحتى الصغار لم يسلموا من تأثير الإعلام غير الهادف، فالهدف عند بعض القنوات التأثير سلباً في أطفالنا دون أي سعي منها لغرس القيم والفضائل في النفوس الصغيرة البريئة، ولكم أن تتخيلوا بعض أفلام الكرتون وما تحويه من مشاهد عنف وقتل وسفك دماء، فتتجذر في نفس الصغير ثقافة العنف والميل إلى الإيذاء والاعتداء على الآخرين، وقد تتحول هذه المشاهد، إذا أدمنها الطفل، إلى مرض نفسي، وخلل في السلوك يظهر عليه مستقبلاً، فيتضرر المجتمع كله من اغتيال طفولته.

بعض الألعاب لا تقوم إلا على أساس العنف والجنس، فيشاهد الطفل فيها ما يتعارض مع عقيدة الإسلام وقِيمه وأخلاقه.

وما يبث في القنوات الفضائية لأطفالنا من مشاهد عنف جزء يسير من رسالة العنف التي تمرر لهم عن طريق أجهزة الألعاب الحديثة، فبعض الألعاب لا تقوم إلا على أساس العنف والجنس، فيشاهد الطفل فيها ما يتعارض مع عقيدة الإسلام وقيمه وأخلاقه، وبعض أفلام الكرتون وألعاب الفيديو إباحية بحتة، وتخاطب الغرائز بطريقة هابطة وبذيئة، فلابد من متابعة ما يشاهده أطفالنا، وأن ننتقي لهم البرامج والألعاب الطيبة، فقد نغتال طفولة أبنائنا إذا سمحنا لهم بمشاهدة كل شيء في هذه السنّ الصغيرة، وعلينا أيضاً أن نعوّد أبناءنا على مراقبة الله تعالى، وأن نشرح لهم أن الله سميع بصير عليم، فإذا شاهدوا أمراً يتعارض مع قيمنا، فعليهم أن يغيروا القناة أو على أقل تقدير أن يخبرونا.

ومن الطرق التي يغفل عنها كثير من الآباء في ضبط ما يشاهده الأبناء أو الألعاب التي يقبلون عليها من خلال الأجهزة اللوحية تفعيل «القيود»، فهذه خاصية موجودة في إعدادات الأجهزة اللوحية، ويمكن للوالد أن يختار الأشياء التي تناسب عُمْر أبنائه، فالغفلة عن الأطفال في مرحلة التكوين والتأسيس لها ضريبة وخيمة للغاية، ولو استطعنا أن نغرس في نفوس أطفالنا قلة التعلق بالتلفاز وبالأجهزة اللوحية وشغلناهم بالرياضات الحركية، كالسباحة والفروسية وألعاب الدفاع عن النفس، فإننا سنجني ثمار هذه التربية الطيبة مستقبلاً، ومن جميل ما سطّره بعضهم عن الأطفال: «طفلك إلى السنة السابعة من عمره وردة تُشم، وإلى سنّ الرابعة عشرة خادم مطيع، وما بعد ذلك عدو أو صديق».

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

@alkamali11

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر