مزاح.. ورماح

«أزهر»..!

عبدالله الشويخ

أسوأ لحظاتي لديه هي تلك التي يقوم فيها بالتأخر لمدة ثوانٍ عدة، لكي أقوم بدوري بتسخين جهازي العصبي لتلقي الصدمة، ثم يبدأ بعدها برش الماء البارد على وجهي وتنشيفه بمناديل.. ثم وضع الـ«باكيج» الأخير في عملية الحلاقة، وهو عبارة عن الكولونيا والنيفيا والباودر، وعدد آخر من المسرطنات غير الممنوعة.

يضحك «أزهر» كثيراً من ردود أفعالنا أثناء عملية رش الماء، وهو يقول: «عجيب أمركم أيها العرب، تخافون من قطرات الماء، ولا تخافون حينما يكون (موسي) مشرعاً على رقبتكم لمدة نصف ساعة!».

فعلاً يا صديقي، هذا ديدن العرب منذ أن وجدوا ألف ألف سيناريو لخطورة قطرات الماء، واطمئنان كامل لأمواس الحلاقة وسكاكينها المسلطة على رقابنا، ولا نعلم في أي لحظة غضب حلاقية ستقرر جزّ رؤوسنا لنكون شهداء الكرسي.. كرسي الحلاقة بالطبع!

لحلاق الفريج أهمية خاصة في حياة الفريج، فهو بعد أن ذاع صيته كأفضل راسم للحدود في وجوهنا.. أصبح يحرم الدخول عليه «منه والدرب»، فلدى أزهر دفتر مواعيد عليك الاتصال به للحصول على موعد قبل الحضور، وهو في كل مرة يحاول تذكيرك أن عليك شكر النعمة وأهميته في حياتك، لذا فهو لا يجيبك حينما تسأله: هل يوجد موعد يوم الخميس في الرابعة عصراً؟ يبقى صامتاً إلى أن تنظر في هاتفك، للتأكد من أنك لا تضغط على زر كتم الصوت بالخطأ كعادتك، ثم يقول لك: سأحاول.. يتصل بك بعد دقائق، ويقول لك: لقد رتبت لك الموعد فلا تتأخر. وهكذا وقبل أن يبدأ عمله على وجهك يكون قد سجل نقطة «منية» عليك، فتأتيه مكسوراً مطأطأ الرأس، ما يجعل عملية حلق شعرك أكثر سهولة،

فماذا لو أخلفت موعدك معه؟!

في فريجنا لا يوجد أحمق يجرؤ على ذلك! فإخلاف موعد مع (أزهر) يعني أولاً أنك في زيارتك التالية له «ستنفضح» في أم الفريج، لأنه سيبادرك بصوت عالٍ أمام الجميع: ليش ما يجي يوم الخميس؟! أنت تعرف ذلك الشعور حينما ينظر إليك جميع الجالسين «بالدور»! هل تذكر الشعور حينما كنت تصدر صوتاً سخيفاً، فيخرجك المعلم لتقف بجوار السبورة إلى أن يحين وقت الفسحة، نظرات زملائك المتنوعة بين الشفقة والازدراء واللامبالاة، هو الشعور ذاته، بالطبع لدى (أزهر) قانون غير مكتوب، يقضي بحرمانك الحلاقة والمواعيد لمدة ثلاثة أسابيع في حال تغيبك عن الموعد، هذا بخلاف أسبوع الاعتذار الذي يهذبك فيه أمام الناس، وفي النهاية يعتذر لك لعدم وجود وقت لديه!

رأيت رؤوساً كثيرة في فريجنا تنحني لموس (أزهر)، رؤوس وزارية ومديرية ورجال أعمال، وفي نبرة كل منهم كنت أسمع ذلك التذلل حينما يطلب منه تغييراً معيناً على خطة العمل المتفق عليها مسبقاً: «ممكن يجرب سوي لحية واحد ونص!».

احذر غضب حلاقك المحترف! في ليلة ما رزقت بحلاق آخر، واستغنيت عن الخبرة في سبيل الحرية، المصيبة أنني بعد أن قمت بالتسليمة الثانية في صلاة العشاء رأيت (أزهر) إلى يساري في الصلاة، لن أنسى نظرته إلى «خط اللحية» ما حييت! ولئن قتلتُ فأنت تعرف قاتلي!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر