كل يوم

لابدَّ من مواجهة «ثقافة الكراهية»..

سامي الريامي

قد نتفهم وجود متعاطفين ومؤيدين لـ«داعش» في أماكن وبؤر انتشار مثلث الهلاك، المتمثل في الجهل والفقر والبطالة، وهؤلاء تعاطفهم مبني على مصلحة اقتصادية، وحقد اجتماعي على مجتمعاتهم التي لم توفر لهم أساسيات الحياة الكريمة، وهو أبعد ما يكون عن رغبة حقيقية في الجهاد، أو حب لـ«داعش».

لكن ما لا يمكن فهمه هو وجود عناصر، أو مؤيدين، أو حتى متعاطفين مع هذا التنظيم الإرهابي وعناصره المجرمة، من دول متطورة اقتصادياً واجتماعياً وفكرياً، سواء كانت أوروبية أو خليجية غنية، وتشهد تطوراً ونمواً مستمراً، في هذه الحالة تحديداً يجب أن نفهم الأسباب جيداً، ويجب أن نحلل ونفكر في ماهية السبب الحقيقي الذي يدفع بهؤلاء إلى الانخراط في تنظيم إجرامي قبيح مثل «داعش»، يؤمن بالذبح وقطع رقبة كل من يخالفه، ويعيش فكرياً في قرون متخلفة، في حين أن هؤلاء المتعاطفين يعيشون في مجتمعات راقية وحضارية!

«دعونا نعترف بأن (ثقافة الكراهية) انتشرت بقصد أو من دون قصد في مجتمعاتنا الخليجية خصوصاً، والإسلامية عموماً، فالاعتراف هو السبيل الوحيدة لمعالجة الخطأ».

الإجابة عن ذلك تكمن في «ثقافة الكراهية»، التي انتشرت بقصد أو من دون قصد في مجتمعاتنا الخليجية خصوصاً، والإسلامية عموماً، دعونا نعترف بذلك، فالاعتراف هو السبيل الوحيدة لمعالجة الخطأ، والخطأ اليوم تضخّم وتحول إلى خطر حقيقي يهدد أمننا واستقرارنا ومستقبلنا جميعاً.

أضم صوتي وبشدة إلى صوت المفكر والباحث السياسي، الدكتور عبدالحميد الأنصاري، الذي قدم محاضرة متميزة خلال ندوة استضافها رئيس مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي، الدكتور حنيف حسن، لقد تحدث بكل واقعية، وحلل بشكل صريح المشكلة الحقيقية التي جعلت مجموعة لا نعرف عددها، الشباب وغيرهم، يتعاطفون مع تنظيم لا علاقة له بالإسلام، ويعمل على تشويهه يومياً بصورة مفزعة، هذا التحليل مفاده أن «ما يعرف بجاذبية التطرف تتغلغل في المجتمعات العربية، بسبب (ثقافة الكراهية)، التي زرعت من جانب القوميين والسلفيين المتشددين، وتيار الإسلام السياسي منذ أكثر من 40 عاماً، فالقوميون سوّقوا لسنوات طويلة أن الغرب هو العدو الذي أعاق نهضة العرب، ودأبوا على تخوين الآخر، والتكفيريون تبنوا فكرة كراهية الآخر الكافر، وأطلقوا نظرية (الولاء والبراء)، وهم يرون أن استخدام العنف وسيلة مشروعة لفرض الآراء والمفاهيم الدينية، والتيار الثالث وهو أسوأ من سابقَيْه، حيث استطاع غزو المناهج والمقررات الدراسية، والسيطرة على المنابر، وظل سنوات طويلة يسوق لثقافة الكراهية، والفكر التآمري»!

أمر محير للغاية، فالإسلام دين سماحة، وهؤلاء يروجون القتل والدمار، ويذبحون البشر من دون تفريق أو تمييز باسم الإسلام، ويكبرون الله عند ذبح إخوانهم المسلمين قبل غيرهم، ومع ذلك هناك من يتعاطف معهم، ويبرر لهم سلوكياتهم، وهناك من يعتقد أنهم على حق، ولا سبب لذلك سوى تغلغل ثقافة الكراهية وتشربها في عقولهم وقلوبهم، فأعمت بصرهم وبصيرتهم!

والمهمة الآن صعبة وتحتاج إلى جهد مكثف لمواجهة هذه الثقافة الكريهة في البيت أولاً، لأن التربية السليمة هي اللبنة الأولى، ثم العمل على تنقية المناهج من أفكار التآمر والكراهية، ومن ثم تخليص المنابر من دعاة الشر والتكفير، وجميع الذين لايزالون «يدعون على الآخر بالفناء والقتل في خطاب استعلائي كريه»، كما أشار الدكتور الأنصاري في محاضرته.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر