كل يوم

أمسية أكثر من رائعة

سامي الريامي

أمسية أكثر من رائعة، وأكثر من ممتعة وجميلة، تلك التي جمعت رؤساء تحرير ومسؤولين إعلاميين، يمثلون مختلف وسائل الإعلام المحلية، بصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وروعتها كمنت في الجو الأبوي الحميمي، الذي ساد اللقاء، خصوصاً أن سموه اختار «بيته» مكاناً لهذه الأمسية الجميلة، ليضفي عليها وداً ومحبة وخصوصية.

صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي اختار «بيته» مكاناً لهذه الأمسية الجميلة، ليضفي عليها وداً ومحبة وخصوصية.

كنا نشعر بأننا أبناؤه وإخوانه، وكم كان شعوراً طيباً جميلاً ونحن نمشي معه في أروقة منزله، وهو يشير بيديه إلى غرفة في الطابق الثاني، ويقول: «هذه غرفة نومي، وبجانبها مباشرة هذه الغرفة العزيزة على قلبي، إنها مكتبتي»، وكم لامست كلماته شغاف القلب، عندما اصطحبني إلى ساحة بوابة القصر، وهو يطلب مني أن أستمتع بشم رائحة زهور الياسمين، التي عطّرت المكان برائحتها الزكية، إنها فعلاً مشاعر أبوية صافية، لا يمكن أن يشعر بها ملايين من البشر في أي مكان آخر، فالحكام والقادة والرؤساء في بلدان كثيرة لا يمكن رؤيتهم إلا في الصحف ونشرات الأخبار، أما نحن في الإمارات فإننا نستمتع برؤيتهم والحديث معهم، بل الجلوس معهم، وتناول العشاء في بيوتهم الخاصة!

ليس هذا فحسب، أتذكرون مقال اللغة العربية، الذي تحدثت فيه عن غضب سموه ممن يخلط كلمات أجنبية عند الحديث باللغة العربية؟ لقد حرصت هذه المرة على أن أكون أكثر دقة، ولا أعيد أخطاء الماضي، وبصراحة ترصدت سموه منذ بداية الجلسة، واستمعت بحرص أكثر من غيري لكل كلمة ينطق بها، لعله يخطئ ويستخدم مفردة أجنبية، وما أكثرها في لهجتنا الدارجة هذه الأيام!

واستمر سموه في الحديث لفترة تزيد على الساعتين، وحديثه كان بلسان عربي مميز، لا تشوبه شائبة، حتى فقدت الأمل نهائياً، بل أدركت أن ما أبحث عنه هو أمر يصنّف ضمن فئة المستحيلات السبعة، إلى أن جاءت اللحظة الحاسمة، وتحمس زميلي العزيز المذيع عبدالله بن خصيف، وهو كعادته دائماً مشاكس وصاحب ملَكة وخفّة دم، وسأل الشيخ سلطان عن مباراة كرة القدم، بعد أن قال: «تعبنا من السياسة والمشكلات، طال عمرك، فهل أنت راضٍ عن منتخب الإمارات في مباراته مع عُمان؟»، فأجاب سموه «نعم، راضٍ، والمنتخب استطاع المحافظة على النتيجة، ولولا إصابة إسماعيل، التي أثرت في الأداء لكانت النتيجة أفضل، وعموماً أمر جيد أنهم منعوا الخصم من تسجيل أي (قول) عليهم»!

وما إن التقطت أذناي هذه الكلمة، شعرت بأن الله أرسل لي ما كنت أتمنى، تريثت قليلاً، هل أواجه الحاكم بخطأ؟ هل يعقل ذلك؟! لم أستمر في التفكير طويلاً، لأنني تذكرت أننا في الإمارات، ونحن نجلس مع حاكم له كل الاحترام والتقدير، لكننا جزء منه، وهو جزء منا، نحن في الإمارات لا يوجد لدينا رئيس ومرؤوس، فالقادة والحكام يحبون شعبهم، والشعب يفتدي حكامه بروحه، الرئيس ونائبه يعملون ليل نهار، ليحققوا الرخاء والسعادة للمواطنين، والمواطنون يفخرون بحبهم وولائهم لقادتهم، وهذه المشاعر هي السبب الرئيس في نجاح التجربة الوحدوية الإماراتية.

المهم توجهت إلى صاحب السمو حاكم الشارقة، وقلت له أمام جميع الحضور: «سموك لقد قلت (قول)، والأجمل لو قلت (هدف)، هذا ما تعلمناه منك». أتعرفون ماذا كانت ردة فعله الفورية والعفوية، قال: «صدقت، أشكرك»، وصفق وهو يضحك، وصفق معه الحضور!

موقف بسيط، لكنه يحمل معاني غزيرة، وأمسية استمرت ساعتين أو أكثر، لكنها كانت جلسة من جلسات العمر التي لا تُنسى، تعلمنا منه الكثير، ونهلنا من غزارة معرفته ومعلوماته التاريخية، وسعدنا بالاستماع إلى توجيهاته ونصائحه، لقد كان حريصاً على زرع قيم حب الوطن والإخلاص له، واتباع الصدق والمهنية في العمل، وتغليب مصلحة الناس في الأمور كافة.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر