5 دقائق

فيروس الجودة

الدكتور علاء جراد

أثناء عملي كأستاذ إدارة الجودة بجامعة ولونجونج في دبي، تعودت أن أبدأ أول محاضرة لطلاب الماجستير الجدد بتنبيههم إلى فيروس الجودة، وهو فيروس حميد أتمنى أن يصاب به الجميع، هؤلاء الطلاب كانوا يقضون ما يقارب العامين في دراسة إدارة الجودة، خصوصاً في قطاع الخدمات، وفي هذا القطاع بالذات لا يمكن قبول الجودة الرديئة، فنحن مثلاً لا نقبل خدمة سيئة في المستشفيات، أو تخبطاً في المدارس، أو أخطاء في البنوك. وأغلب من يدرس الجودة تتكون لديه صفات، أولاها أنه يلتزم بالمواعيد وتواريخ الإنجاز، ويعمل بفعالية ضمن الفريق، كما أنه يراعي الدقة والتفاصيل، وإذا تم تكليفه بمهمة يحرص على فهم الصورة كاملة، ويفكر بطريقة استراتيجية، كما يبحث باستمرار عن أفضل الممارسات في هذا المجال، ويعشق العمل مع الآخرين ويتميز بقدر جيد من الموضوعية، ويقدر جهود الآخرين.

«يمكن نشر فيروس الجودة بدرجة أكبر، لو تم تضمين مناهجنا الدراسية موضوعات مثل: الجودة والتربية الأخلاقية».

قد يبدو أنني أصف «سوبرمان»، لكن هذه هي الحقيقة، فهؤلاء الأشخاص موجودون بيننا ويتوقعون من الآخرين أن يسلكوا المسلك نفسه، ولكن هيهات، فهؤلاء قلة وستجد أنك تعرف منهم فقط خمسة أشخاص أو أقل، لذلك كان طلابي يصابون بالإحباط بسبب الفجوة بين توقعاتهم والحقيقة على أرض الواقع، ولهذا كنت أنبههم حتى يتقبلوا أن العالم ليس مثالياً، لكن عليهم أن يسعوا. ويمكن نشر «فيروس الجودة» بدرجة أكبر لو تم تضمين مناهجنا الدراسية موضوعات مثل الجودة والتربية الأخلاقية، وليس سراً أن نسبة تحصيل الطفل تبلغ أضعاف نسبة تحصيل الإنسان الراشد. ويذكرني ذلك بموقف طريف من ابنتي، ذات الستة أعوام، التي يبدو أن فيروس الجودة قد انتقل إليها مبكراً، حيث كنا في مطعم للوجبات السريعة ووجدتها تتلفت حولها ثم نادت على أحد العاملين بالمطعم وطلبت بطاقة التعليقات لتسجل ملاحظاتها بأن عبوات «الكاتشب» غير نظيفة، وكذا الحمام، وقررت ألا تذهب لذلك المطعم مرة أخرى.

لقد خصصت الأمم المتحدة يوماً عالمياً للجودة الغرض منه نشر مفاهيم الجودة وتشجيع الحكومات والمؤسسات والأفراد على تبني ثقافة الجودة، وهو الخميس الثاني من نوفمبر من كل عام، الذي صادف يوم الخميس الماضي، وكان شعاره هذا العام: «معاً نبني عالم الجودة». وقد احتفلت دوائر حكومية عدة بهذا اليوم، وتمتد الفعاليات والأنشطة طوال نوفمبر، ونأمل أن يمتد الاهتمام بالجودة على مدار العام.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر