مزاح.. ورماح

«حلاقة ع الناشف!»

أحمد حسن الزعبي

أرجو ألا يفهمنا البعض عندما نأتي بمقارنات بين المسؤولين الغربيين والمسؤولين العرب، أننا نصرف شهقات الاندهاش من تواضع الرؤساء والمسؤولين الكبار هناك، أو أننا نقوم بالتسويق لأشخاصهم أو سياساتهم.. على الإطلاق، فأكثر ما يعجبنا ويثير دهشتنا ليس تواضع المسؤول المنتخب فحسب، بل ثقة المواطن العادي، والمهني البسيط، والعامل الصغير، مع أكبر رأس في الدولة، دون أن «ينافق» أو يجامل أو يرتبك أو يدسّ ورقة في جيب سيده، يطلب فيها قائمة باحتياجاته واحتياجات عائلته حتى الجد السابع.

فبعد أن رفض نادل مطعم قبول بطاقة «أوباما» الائتمانية، قبل أسبوعين، لعدم صلاحيتها، ها هو «ديفيد» كاميرون، يتوجّه إلى صالون حلاقة قريب من مكان إقامته ليقص شعر ابنه، بعد أن تأخّر حلاق العائلة الخاص عن الحضور، وفور دخوله صالون الحلاقة برفقة نجله، استأذن الحلاق بقص شعر «الصبي»، قبل الآخرين، فهزّ الكوافير أكتافه معتذراً، ثم أوضح اعتذاره للرئيس بأن لديه الكثير من الزبائن في الانتظار قبله، وتابع الحلاق عمله، وكأن «ديفيد» لم يكن.

هذا ما نركّز عليه في المقالات، فالتواضع شيء مهم، لكن الأهم عندما يحسّ الإنسان بإنسانيته، ومواطنته، واكتمال شخصيته، وثقته العالية بالأصول والأعراف والقانون، مهما تواضع مركزه الاجتماعي فلن يهتز، ولن يخاف من أي تصّرف يقوم به تجاه أي رأس في الدولة، مهما كبر أو تورّم.

على المستوى الشخصي، عندما أجلس عند حلاّق حارتنا، لا يبقى عريس، أو «موظف جمارك»، إلا ويقدّمه الحلاق عليّ، وأحياناً أجلس على كرسي الحلاقة ساعة ونصف الساعة، وكلما شرع في فتح شارعٍ في رأسي يتركني و«يحفّ شوارب» مطرب الحارة، الذي أطل برأسه من الباب وطلب «تضبيط» الشوارب قبل السهرة، ثم يعود إليّ من جديد، ويأخذ درباً ثانياً في الماكنة، ثم يتركني ويذهب لـينعّم رقبة زبون آخر، طلب تنعيم «العنقور» فقط «ع الواقف»، وعندما ينتهي من «تمشاية» الزبائن المستعجلين يجف الصابون على خدّي الأيسر، وهو يقوم بتلقين صديقه تردد «بي إن سبورت» الرياضية المفتوحة، على التلفون!

**

حلاق كاميرون.. نادل أوباما.. نغبطكما.. ونحتاج إلى أمثالكما..

عندما نثق بأنفسنا.. نمتلك أوطاننا.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر