كل يوم

مواجهة المخدّرات مسؤولية الجميع

سامي الريامي

لا يمكن تخيّل حجم الجهود التي يبذلها رجال الداخلية في مكافحة المخدّرات، كما لا يمكن تخيّل الطرق والوسائل التي يتّبعها المتعاطون للحصول على المخدّر، ولا أشكال وكيفية تهريبها من قبل التجار والبائعين، لذلك فجهود رجال الأمن والداخلية والمكافحة مهما بلغت فإنها لن تؤدي إلى القضاء على هذه الآفة ما لم تتعاون بقية جهات المجتمع لمواجهة هذا الخطر الكبير، الذي يهدد سلامة الشباب والمجتمع، وأولياء الأمور هم أول من ينبغي أن يتعاون ويقف في صف رجال الداخلية لتحجيم هذه الآفة ومنع انتشارها بشكل أكبر.

رجال المكافحة يحبطون محاولات التهريب، ويتعرضون للخطر في مواجهة عصابات خطرة، ويتعقبون المهربين والتجار، لكنهم لن يستطيعوا منع أمّ أو أب من إعطاء المال لابنهم المدمن، ولن يستطيعوا التعرف إلى جميع أشكال تهريب الحبوب والمخدرات للمدمنين في المنازل، أو حتى في أماكن توقيفهم، هذه مهمة صعبة ما لم يتحالف الجميع داخل المنزل وخارجه ضد المهربين والمتعاطين.

«لو كانت المفاضلة بين إنقاذ شاب من براثن المخدرات عبر الاتعاظ عن طريق النشر، أو سماع انتقاد هنا، وكتابة تقرير سلبي هناك، فالأفضلية حتماً ستتجه نحو الخيار الأول».

الحادثة التي وقعت في أحد سجون الدولة، والتي نشرت تفاصيلها وزارة الداخلية من باب الشفافية، ونشر الحقائق من أجل العبرة والعظة، وزيادة الوعي، تعكس الوجه السيئ المخيف للإدمان، وتعكس النهاية المظلمة للمدمنين، والشر الذي يبثه أصدقاء السوء في المجتمع، فذلك المدمن اتفق مع صديقه لإخفاء المخدرات في دورة مياه المستشفى، وادّعى المرض مرات عدة في السجن، لينقل إلى المستشفى، ويبتلع كيس المخدرات، ثم يعيد استفراغه في السجن ليتعاطى الكمية مع صديق له في الزنزانة ذاتها، والنتيجة هي أنه لم يستطع تحديد الكمية التي تجرعها، ما أدى إلى موت الاثنين بجرعة زائدة، والبحث مستمر عن الثالث ليلقى جزاءه، والنتيجة الأكبر من ذلك هي خسارة الدولة ثلاثة من شبابها انضموا إلى ركب المفقودين بسبب المخدّرات!

لا يمكن هنا لوم المستشفى أو السجن أو رجال الشرطة، فالمخدرات تمكنت من هؤلاء، وأصبحوا يتفنّنون في طرق تهريبها، والأهم الآن أن نبحث عن كيفية إيقاف هذه الآفة عن طريق نشر الوعي بأضرارها عند الصغار، وفي المراحل الدراسية كافة، وكيفية الضرب بيد من حديد على المهربين والتجار، ولابد من اتخاذ كل الإجراءات التي تراها الدولة مناسبة لذلك، بغضّ النظر عن تداعياتها المحتملة.

نشر القضايا من هذا النوع أمر إيجابي يُحسب لوزارة الداخلية، فهو في حد ذاته جزء من التوعية، ولا شك أن التفاصيل وإن كانت مقززة، فإنها قد تردع صغيراً أو رجلاً، وتمنعه من مواصلة طريق التعاطي، والتعامل مع الحوادث بشفافية فيه من الحكمة الشيء الكثير، فهو يقطع الطريق أمام التلفيق، والمبالغة، والكذب، والتشويه، ويمنع ظهور المعلومات بشكل مشوّه في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه أهداف في غاية الأهمية، تجعلنا لا نفكر في التوقف عن نشر المعلومات المتعلقة بحوادث المخدرات وغيرها خوفاً من المنتقدين أو الشامتين أو منظمات حقوق الإنسان المنحازة، بل نسعى لتعزيز الوعي، وإبعاد الشباب عن هذه الشرور، ولو كانت المفاضلة بين إنقاذ شاب من براثن المخدرات عبر الاتعاظ عن طريق النشر، أو سماع انتقاد هنا، وكتابة تقرير سلبي هناك، فالأفضلية حتماً ستتجه نحو الخيار الأول!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر