5 دقائق

مع غازي «2 – 2»

د.سعيد المظلوم

تحدثنا في الأسبوع الماضي عن المغفور له غازي القصيبي، كيف بدأ عهده رئيساً لمؤسسة السكة الحديدية بقرار أدهش من كان يعمل معه حينما أقلّه القطار المتجه من الدمام إلى الرياض، في رحلة واحدة كانت تحمل في طياتها فائدة ألف تقرير. وتطرقنا لزياراته للمرضى حين أصبح وزيراً للصحة، ما كان لها أبلغ الأثر في قلوب المرضى وأهليهم. وسنُعَرّجُ اليوم على أساليبه في الإدارة.

«كان شريان الحياة لدى غازي (ملف القراءة) الذي يحتوي على صورة من كل معاملة تصدر من أقسام المؤسسة خلال الأسبوع المنصرم».

كان شريان الحياة لدى غازي «ملف القراءة» الذي يحتوي على صورة من كل معاملة تصدر من أقسام المؤسسة خلال الأسبوع المنصرم، يستطيع من خلاله معرفة مَواطن القصور والتهور لتلافيها وتعديلها وتحسينها، ومواضع النقاط الإيجابية ومكامن الحكمة لاتّخاذها تجارب ناجحة، وتعميمها على بقية الموظفين.

يقول المرحوم غازي: إنّ «ملف القراءة» يحل مشكلة عويصة من مشكلات اللامركزية، فيمنحكَ القدرة على تفويض الصلاحيات من دون تفريط في المسؤولية، شريطة أن تقرأ الملف. وقد كان يتعاقد مع مركز استشارات عالمي في كل مهمة جديدة؛ ليقدم له تقريراً أسبوعياً عن آخر ما توصل إليه العلم في مجال اختصاصه، وذلك من باب «التعليم المستمر».

كان غازي يحبُّ الانضباط، ويكره التسيُّب، ففي يومه الأول لمباشرته عمله (وزيراً للصحة) أحضر معه 300 بطاقة ممهورة باسمه، كتب على كل واحدة منها «حضرت بعد الدوام بأكثر من ساعة ولم أجدك أرجو ألاّ يتكرر هذا التصرف»! يقول غازي: طفتُ يومذاك بالمكاتب ووضعتُ البطاقة على كل مكتب لم أجد صاحبه عليه «كانت معظم المكاتب ــ بالفعل ــ خالية»! وفي اليوم التالي قدّم مسؤول كبير استقالته احتجاجاً على هذه الإهانة، فقرأتُ رسالته ولم تسؤني، ثمّ قبلت استقالته على الفور!

كتاب «حياة في الإدارة» في كل صفحة منه فائدة، كان رائعاً في كتابته ــ رحمه الله ــ والأروع الخاتمة التي يقول فيها: «حاولتُ في كل موقع شغلته أن أخدم المواطن بكل طاقتي، خدمت أبناء هذا الجيل أما أبناء الأجيال القادمة الذين لن يتاح لي شرف رؤيتهم أو خدمتهم، فلا أستطيع أن أقدم لهم شيئاً سوى قصة هذه الخدمة، مصحوبة بكثير من المحبة وكثير كثير من الدعاء». رحمك الله يا غازي.

madhloom@hotmail.com

Saeed_AlSuwaidi@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر