مزاح.. ورماح

«فوق الـ 60!»

عبدالله الشويخ

لا بالطبع! أنا لا أتحدث هنا عن الرادار الموجود على مدخل أم القيوين، فقصة الرادارات أصبحت مكررة ومملة، وأنت تعلم بأنني لا أحب أن أكون مملاً.

اليوم لدي قصة أخرى..

هل سمعت عن رادار العمر؟! هو ذاك الرادار الذي يقرع حين تسمع صوتاً أجش في المنزل يقول لك: أبويه بشل نعالك!

أهذا أنت يا قطعة اللحم الحمراء المقززة؟! كأنه بالأمس حين كنتُ متردداً، هل أؤذن في اليمنى، وأقيم الصلاة في الأذن اليسرى، أم أقيم الصلاة في الأذن اليمنى وأؤذن في اليسرى؟! في ذلك اليوم أفسدت الفرحة تركيزي في الاتجاهات، واليوم تضخمت قدمك الصغيرة لتقاسمني النعول، وانتو بكرامة بالطبع!

ومن ما ورثناه عن آبائنا من أساليب التربية العصرية أن تصرخ فيه: إن اقتربت منه لأكسرن قدميك، فلا تحتاجان إلى نعال إلى يوم الدين!

لكن بنظرة سريعة إلى رادار العمر، إذا كان الشخص مراهقاً إلى العشرين، ثم يبدأ حياته العملية والدخول في المحرقة من زواج وبيت واستقرار حتى الأربعين، فإن فترة «التخصص» أو التبحر في مجال معين لكي يصبح محترفاً فيه هي الفترة من الأربعين إلى الستين.

حين يحدثك طبيب معين عن خبراته، ولحيته لم تكتمل بعد، فإن الإيقاع النفسي لكلماته يختلف عن ذاك الذي تحدثه فيك كلمات طبيب يبلغ السابعة والسبعين، وتقول سيرته الذاتية إنه أجرى ستين ألف عملية باسور، على سبيل المثال.

الأمر يطبق أيضاً على جميع مناحي الخبرة والحياة، أن تصبح «حِبراً» في أمر معين أو مخضرماً أو خبيراً لا يكون لك بشكل متفرد قبل أن تقضي في مجال معين عشرات السنين، وبكلمات أخرى قبل أن تبلغ الستين.

وإذا كان الأمر عملياً يختلف، فنظرياً بالنسبة للأكاديميين هو أكثر تطبيقاً، هل يمكنك تخيل بروفيسور دون أن تتخيل بأن شعره أبيض ويرتدي نظارة، وربما يتكئ على عصا؟!

لذا، فقرارات المؤسسات الأكاديمية بإنهاء أو عدم تجديد عقود الدكاترة والأكاديميين الواقعين في تصنيف «فوق الستين» يحتاج إلى مراجعة مهنية لا إلى مراجعة إنسانية، قوانين العمل مفهومة بالنسبة للسائق أو الطباخ أو معلم الفلافل أو كل الأشخاص المهمين في حياتنا، لكنها بالنسبة للأكاديمي غير مفهومة، فحياة الأكاديمي الحقيقية تبدأ بعد الستين.

دع عنك القلق النفسي الذي يؤثر في الدكاترة وقدرتهم على العطاء عند وصولهم إلى الستين، وذلك الخوف الذي يعتريهم كلما وصلت قائمة «فوق الستين» من الإدارة العليا!

جماعتنا فقط يبرعون باستخدام كلمة «ستين» في المسبات السوقية! حاجة غريبة!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر