كل يوم

الدوام عن بُعد..

سامي الريامي

«الإنتاجية أهم من الحضور إلى المكتب»، شعار رفعته شركة «مايكروسوفت» هنا في دبي، وبدأت بتطبيقه على موظفيها، بعد أن لاحظ المسؤولون في الشركة وجود صعوبات يومية تواجه الموظفين في الوصول إلى مكان عملهم في الأوقات المحددة للدوام الصباحي، بسبب الازدحامات اليومية على الطريق المؤدي إلى منطقة جبل علي، حيث مقر الشركة.

ولكن قبل أن ترفع الشركة هذا الشعار، ابتكرت ثلاث وسائل تقنية لضمان التواصل، واستمرار الاجتماعات اليومية، ومتابعة تنفيذ وإنجاز جميع المشروعات المطلوبة من الموظفين، وكل ذلك عن بُعد، ولا ضرورة لحضور الموظف إلى مكتبه في مقر الشركة، شريطة أن يستخدم وسيلة من الوسائل التقنية المتاحة لإنجاز العمل.

التكنولوجيا ابتكرت الحلول لتعقيدات الحياة اليومية، وأضفت سهولة لم نكن نتخيلها على مجمل الأعمال، لكن ومع ذلك مازالت التقليدية تسيطر على فكر الكثيرين.

الوسيلة الأولى كانت ابتكار برنامج للتواصل عبر الرسائل النصّية، المكتوبة والمسموعة والمرئية، بين الموظفين كافة، وربط هذا البرنامج بالهاتف المتنقل، ومن خلاله يبقى المسؤول على تواصل لحظي بكل فريق عمله، وباستطاعته إصدار الأوامر والتكليفات، ومتابعة كل صغيرة وكبيرة معهم على مدار الساعة، والوسيلة الثانية تطوير برنامج لعقد الاجتماعات عن بُعد أيضاً، باستخدام أجهزة الكمبيوتر أو الأجهزة اللوحية، ويستطيع البرنامج ربط أكثر من 30 موظفاً مع بعض في اجتماع إلكتروني، يتحدث فيه الجميع للجميع، ويشاهد فيه الجميع الجميع!

ومن ثم تطوير وسيلة ثالثة لربط الموظفين الموجودين في دبي، سواء داخل الشركة أو خارجها بموظفي الشركة كافة في مختلف أنحاء العالم، أو ربطهم بعملائهم أينما كانوا، ليجتمعوا ويتناقشوا ويتباحثوا معهم من أي مكان، وفي أي وقت، وبذلك لا حاجة لوصول الموظفين إلى جبل علي كل يوم، ولا عذر لموظف في الامتناع عن تأدية عمله، لأنه تحت الملاحظة بشكل مستمر، و«الأجهزة الحديثة» أصدق إنباء من أعذار الموظفين وحججهم الكثيرة!

سألت مسؤولة في شركة «مايكروسوفت» عن تقييمهم للنظام بعد تطبيقه، فأجابت: «لن تصدق أن إنتاجية الموظفين زادت، وأصبحوا يؤدون أعمالهم في كل وقت، وبشكل يفوق بكثير أثناء وجودهم في المكتب، بل استفدنا من ذلك في التواصل مع عملائنا في مختلف دول العالم، بغض النظر عن فرق التوقيت، وأصبحت فرق العمل في الشركة متواصلة مع بعضها بشكل دائم، وطوال ساعات اليوم»!

نتيجة منطقية، فالتكنولوجيا ابتكرت الحلول لتعقيدات الحياة اليومية، وأضفت سهولة لم نكن نتخيلها على مجمل الأعمال، لكن مع ذلك مازالت التقليدية تسيطر على فكر الكثيرين، ومازالوا لا يثقون بالإنتاجية بعيداً عن المكاتب، مع أن الواقع يثبت أن الوقت المهدر في المكاتب، هو أكثر بكثير من ساعات العمل الفعلية، والإنتاجية لا علاقة لها أبداً بساعات الجلوس خلف الطاولات، بقدر ما تعني ماذا يمكن أن ننجز من عمل، سواء كان ذلك خلف المكتب أو خارج مقر العمل!

فلتكن «مايكروسوفت» عبرة لكثير من الدوائر والوزارات والهيئات، ولنبدأ التفكير خارج الصندوق، وخارج التقليدية، خصوصاً أن جميع تلك الوسائل التي ابتكرتها الشركة قابلة للبيع والتطبيق في أي مكان آخر، ولنعمل على تخفيف الازدحامات، من خلال تطبيق مثل هذه الحلول العملية غير التقليدية، ولنكسر جميع القواعد القديمة لكي ننجز أكثر، فلمَ لا نبدأ بتوسيع تجربة الدوام المرن، أو تطبيق الدوام عن بُعد، أو الدوام وفقاً للإنتاجية؟ كل ذلك ممكن مع ضوابط وإجراءات، المهم أن نبدأ!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر