5 دقائق

كُنْ موضوعياً فيقدّرك الجميع!

الدكتور علاء جراد

هل تراجع قراراتك أحياناً، وتعتذر إن كنت قد أخطأت؟ هل يمكن أن تقول رأياً إيجابياً في شخص لا ترتاح إليه أو بينكما خلاف؟ وهل يمكن أن تقبل رأي هذا الشخص طالما كان صحيحاً؟ وهل تضع نفسك مكان الآخرين؟ إذا كنت تفعل ما سبق أو بعضه، فأنت إنسان لديك قدر كبير من الموضوعية، ولا «تشخصن» الأمور، ويفضل الناس التعامل معك، ويثقون بحكمك على الأمور. وبحسب الدكتور عبدالوهاب المسيري، فالموضوعية هي رؤية الأشياء على ما هي عليه، دون تحيز أو تغليب الأهواء والمصالح، أي أن الأحكام التي نصدرها تكون مبنية على الحقائق، وبذلك نكون موضوعيين. وعكس الموضوعية «الذاتية»، أي أننا ننظر إلى الأمور من خلال عواطفنا ومصالحنا الشخصية، فيتم تغليب الأهواء والعواطف، وبالتالي قد نتغاضى عن الحقائق وقد نهضم حق الآخرين، كأن نقلل من إنجازاتهم لأننا لا نرتاح إليهم أو نختلف معهم في الرأي، وقد يصل ذلك إلى حد الظلم البيِّن.

رغم أننا نؤمن بأهمية الموضوعية، لكن مع ذلك قد لا نضع الأمور في نصابها الصحيح، بسبب الإغراق في الذاتية.

لقد حذرنا المولى عزَّ وجلَّ من الظلم، بسبب العداوة في قوله تعالى: «ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى». ورغم أننا نؤمن بأهمية الموضوعية، لكن مع ذلك قد لا نضع الأمور في نصابها الصحيح، بسبب الإغراق في الذاتية، والجدير بالذكر أننا قد نقع في ذلك الخطأ دون أن نلاحظ، أي لا ندرك أننا نحكم أحكاماً ذاتية، وبالتالي لا يمكن إصلاح ذلك الخطأ، طالما أننا لا ندركه أصلاً. وقد نرى حولنا الأمثلة التي تدل على عدم الموضوعية، كأن يقلل الشخص من إنجازات الآخرين، لمجرد أنهم يتفوقون عليه، وقد يصل الأمر إلى التشكيك في نزاهتهم، وكذلك القصة المكررة في الدراما العربية، عندما ينظر الرجل إلى امرأة أخرى، لأن زوجته مشغولة عنه، ولم تعد تهتم به، متناسياً أنه أيضاً لم يعد الشخص نفسه، وأنها تقوم بمهام أخرى كثيرة لا يمكن تأجيلها في تربية ورعاية الأبناء.

لابد أن تعالج قضية الموضوعية في مناهجنا الدراسية، وليس بعد أن نصل إلى معترك الحياة والعمل، فالتعليم في الصغر كالنقش على الحجر. وإن كانت مناهجنا التعليمية لم تتطرق إلى مثل هذه القيم، فيجب ألا ننتظر وأن ننشر الوعي لمن حولنا، خصوصاً لأطفالنا، حول أهمية الموضوعية والنزاهة الشخصية. هذه دعوة إلى أن نقف قليلاً مع أنفسنا، ونراجع تصرفاتنا وأحكامنا، ونكون موضوعيين مع أنفسنا في المقام الأول.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر