5 دقائق

لماذا ينتشر التكفير؟!

د.عبدالله الكمالي

جاءت الشريعة الإسلامية بالمحافظة على دين المسلم وماله وعرضه، فحرّمت أشد التحريم تكفير المسلم بغير وجه شرعي، تجتمع فيه ضوابط التكفير الصحيحة التي حددها العلماء من خلال أدلة الكتاب والسنة، فمن النصوص التي تحذِّر من التكفير قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أيما امرئ قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه»، وقوله عليه الصلاة والسلام: «ومن قذف مؤمناً بكفر فهو كقتله»، ورغم وضوح هذه المسألة، وبيان العلماء خطورة الجرأة على التكفير، وإنكارهم على أهله، نجد أن فكر التكفير بدأ بالانتشار من جديد عند بعض الشباب المتحمس، ونظرة واحدة إلى مواقع التواصل الاجتماعي أو المقاطع المرئية والمسموعة لبعض الجماعات توضح حجم هذه المشكلة التي بدأت بالعودة مرة أخرى، بل من الأمور الخطرة استسهال شأن التكفير عند بعضهم، فتكفير الناس أسهل على قلبه من شرب الماء! فإن خالفته في أي مسألة، خصوصاً في ما يتعلق بحزبه وجماعته، بادر إلى تكفيرك واستحلال دمك، فمن أعظم أسباب انتشار التكفير، التربية الحزبية التي وقع في فخها مجموعة من نخبة شباب الأمة، فتقوم بعض الجماعات بتربية الشباب على أسس حزبية مقيتة، يتم من خلالها إبعادهم عن العلماء الصادقين، والطعن المبطن في كبار علماء الأمة، ثم تأتي المرحلة الأخرى، وهي إقناع الشباب ببعض الشخصيات التي تنتهج نهج التكفير للحكام خصوصاً، فيتصور الشباب أن هؤلاء هم العلماء حقاً وصدقاً، فيتم أولاً إسقاط جميع العلماء الراسخين من أذهان الشباب، ثم صناعة قدوات من التنظيم أو الحزب لهم، وبذلك يسهل إقناعهم بأفكار التكفير والتفجير، لذلك لابد من توعية الشباب خاصة وعموم المجتمع بصفات العلماء، وأن هناك فرقاً واضحاً بين العالم والواعظ والقصاص، فمسائل التكفير لا تؤخذ إلا عن العلماء الراسخين، ومن أسباب انتشار التكفير النظر في بعض النصوص من خلال أفهام قاصرة، أو فهم هذه النصوص بطريقة مخالفة لفهم السلف الصالح، فيفهم الشاب هذه النصوص بطريقته الخاصة، ثم ينزلها على واقع الناس في المجتمع، دون رجوع إلى أقوال العلماء في تفسير النصوص، ودون الرجوع أيضاً إلى ضوابط التكفير التي ينص عليها العلماء في كتبهم، فعند أهل التكفير المنفلت لا قيمة لهؤلاء العلماء، بل يلمّح بعضهم إلى تكفير العلماء الكبار، فكيف يقبل كلامهم؟! فالمسألة رغم خطورتها لا تقتصر على التكفير فقط، فتبعات هذا التكفير على المجتمعات وخيمة جداً، فالجرأة على التكفير جرأة على سفك دماء الأبرياء وإراقتها، فإذا أردنا الحد من هذه المشكلة فعلينا جميعاً أن نتكاتف لعلاجها، وتوعية الشباب خصوصاً بخطورتها.

تقوم بعض الجماعات بتربية الشباب على أسس حزبية مقيتة يتم من خلالها إبعادهم عن العلماء الصادقين.

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

@D_alkamali

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر