كل يوم

معركة شرسة.. لكنها إجبارية

سامي الريامي

لا أسوأ، ولا أقبح من أن يمنح الإنسان عقله لغيره كي يحشوه أفكاراً كيف شاء، ولا أسوأ من أن يفقد الإنسان أهم ميزة يتميز بها عن غيره من المخلوقات، وهي استخدام هذا العقل، ولا أقبح ولا أفظع من تصرفات «مغسولي العقول»، فهم منقادون مُسيَّرون، ينساقون وراء مضلليهم بشكل مريب، ويبيعون أهلهم وأبناءهم وأوطانهم ودينهم، لأجل لا شيء!

هم اتبعوا أسلوب السيطرة العقلية على الضحايا للانتشار، ونحتاج نحن إلى اتباع أسلوب زرع ثقافة الاعتدال والأفكار الحضارية في العقول، وتحصينها لمقاومة كل فكر ضلالي.

فأسلوب اصطياد الضحايا متشابه، وكذلك الضحايا متشابهون، واللعب كله يتم على أوتار الدين والثواب والعقاب الرباني، وبث الأفكار الخبيثة، بعد تغليفها بالخطاب الديني المشوَّه والمزور، للوصول إلى مرحلة الاستيلاء على العقل، عندها تأتي مرحلة الاستغلال والتحكم عن بُعْد، ثم مرحلة الطاعة العمياء لتنفيذ المخططات والأجندات، ولا مانع أبداً لدى هذه «العصابات»، على اختلاف أسمائها، من حرق جميع «الكروت» التي تم اللعب بها، في تفجير أو عملية أو قتال أو تظاهرة، من أجل الوصول إلى الأهداف الحقيقية، التي لا تتجاوز أبداً مصالح شخصية أو دنيوية، لا علاقة لها بالدين ولا بالآخرة!

اختلفت الأسماء والنتيجة واحدة، واختلفت أشكال التنظيمات والأحزاب وأهدافها واحدة، واختلفت أساليبها للوصول إلى الأهداف، واستخدام الدين شيء مشترك في كل مناهجها للوصول إلى هذه الأهداف، لا فرق بين «إخوان» و«قاعدة» و«نصرة» و«داعش»، فجميعها خرجت من الرحم نفسها، وجميعها تعيث في الأرض فساداً، وجميعها تستخدم لغة الدين، وهي أبعد ما تكون عن هذا الدين، وجميعها شوهت الإسلام، وجميعها أرهبت المسلمين قبل غير المسلمين، وجميعها إرهابية باعت أوطانها، وتسعى إلى دمارها وسلب أهلها نعم الأمن والأمان والاستقرار!

مكافحة هؤلاء لا تكفيها القوة العسكرية، على الرغم من أهميتها وضرورتها لكسر شوكتهم، بل إن مكافحتهم والقضاء عليهم تحتاج إلى خطط استراتيجية طويلة الأمد، تبدأ من الآن، وتركز على مكافحة أفكارهم الخبيثة، فيجب علينا محاربة الفكر قبل محاربة البشر، لأن البشر يسهل القضاء عليهم، في حين الفكر يستطيع صنع إرهابي جديد، فور مقتل إرهابي حالي!

هم اتبعوا أسلوب السيطرة العقلية على الضحايا للانتشار، ونحتاج نحن إلى اتباع أسلوب زرع ثقافة الاعتدال والأفكار الحضارية في العقول، وتحصينها لمقاومة كل فكر ضلالي، وهذا يجب أن يشمل الجميع، الصغير قبل الكبير، ولجميع المراحل العمرية الحساسة، يجب أن نبدأ مبكراً، ونستمر طوال فترة تشكُّل العقول والأفكار، من البيت إلى الحضانة والروضة وجميع المراحل الدراسية، في المساجد والجامعات، علينا مواجهة كل فكرة خبيثة بأفكار حضارية، لدحرها فوراً قبل أن تتشبث في العقول والأذهان، لا نغفل ذلك أبداً، فالأمر ليس سهلاً، والمعركة شرسة، لكننا لا نملك خياراً آخر، هي معركة إجبارية، فُرِضت علينا، ولابد من المواجهة، ومحاربة الفكر الخبيث أصبحت ضرورة تحتمها علينا مجريات الأحداث الماضية والحاضرة، والمستقبلية ربما!

 twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر