5 دقائق

هناك متسع للجميع

الدكتور علاء جراد

المشكلات ملح الحياة ولا طعم للحياة من دون تحديات، وتتجلى حكمة الإنسان في أسلوب التعامل مع تلك المشكلات. ولكن لا داعي لأن نتناحر ويحارب بعضنا بعضاً، نحتاج إلى أن نتعلم التعاون والتكامل بدلاً من التنافس والتناحر، نحتاج إلى أن نتعلم أنه يمكن أن يفوز الطرفان وليس بالضرورة أن يفوز طرف على حساب الآخر، إن من سمات العقلاء الاحتكام إلى العقل ووضع الأهواء جانباً واستخدام لغة الحوار، سواء على المستوى الفردي أو المؤسسي أو حتى بين الدول، نحتاج إلى أن نتعلم التفاوض والحوار.

إن التفاوض الموضوعي والحوار البنّاء هما من أهم وسائل النجاح وحل الأزمات، خصوصاً إذا كان التفاوض مبنياً على رغبة صادقة في حل المشكلة.

إن التفاوض الموضوعي والحوار البناء هما من أهم وسائل النجاح وحل الأزمات، خصوصاً إذا كان التفاوض مبنياً على رغبة صادقة في حل المشكلة التي تواجه الطرفين. وحتى ينجح التفاوض لابد أن نصل إلى منطقة تسمى «المنطقة الممكنة للاتفاق» أو (ZOPA) Zone Of Possible Agreement، ولتوضيح هذا المفهوم نفترض أن شخصاً يريد بيع سيارة بمبلغ 100 ألف درهم، لكن يمكنه تقليل المبلغ إلى 80 ألفاً ويظل رابحاً، أما المشتري فيرغب في دفع 70 ألف درهم، ولكن يمكنه زيادة المبلغ إلى 90 ألفاً وسيكون رابحاً أيضاً. إذاً «المنطقة الممكنة للاتفاق» هنا هي بين 80 و90 ألفاً، التي يكون فيها الطرفان رابحين، أمّا لو أصر البائع على الـ100 ألف ونجح في البيع فسيكسب هو ويخسر المشتري، ولو أصر المشتري على دفع 70 ألفاً فقط فسيكسب هو ويخسر البائع. يمكن القياس على ذلك وإن اختلف السياق، فالحل هو أن يكسب الطرفان بأن يتنازل كل طرف عن قدر بسيط للآخر، ويمكن اتباع هذه المنهجية بداية من التفاوض بين الدول إلى التفاوض على تفاصيل العمل اليومية.

إن العنصر الجوهري للنجاح هو رغبة جميع الأطراف في التنازل عن جزء بسيط من مكاسبهم أو مطالبهم مقابل أن يربح الجميع. لقد كنت من أشد المتحمسين لمفهوم «الميزة التنافسية»، لكن أحد أساتذتي نصحني بالقراءة عن «الميزة التكاملية»، وبالفعل وجدت أن التوجه الحديث في الإدارة هو باتجاه «الميزة التكاملية»، ومنذ ذلك الوقت تغيرت طريقة تفكيري وأسلوبي في العمل، وفي رأيي أن هذا المفهوم سيحل محل المفهوم الذي تربينا عليه وهو مفهوم «الميزة التنافسية» Competitive Advantage، إن النجاح في المستقبل سيعتمد على التعاون والتكامل مع الآخرين ولن يكون الفوز عليهم هو الغاية فهناك دائماً متسع للجميع.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

 

تويتر