5 دقائق

فصل جديد في «مختار الصحاح»

خالد الكمدة

ما بين الفرح، والبهجة.. أو الراحة، والرضا، والأمان، تتنقل مفردة «السعادة» بغير استقرار، لا تجد لها بيتاً ولا حجرة، ولا تعزم أمرها فتختار مع أيٍّ من أصدقائها تقيم.

كمليحة مُلهَمَة، بتنا نراها كل يوم مع رفيق، تلتف بعبق رحيقه أو تمنحه من ألقها، خطفت الأنظار وانتزعت بغير منافسة صدارة أحلامنا.. وطليعة عناوين صحفنا، هكذا يبدو واقع السعادة، في غياب سرد مفصل لخصائصها ووصف دقيق لمفاتنها. أحياناً يضيع في غمرة انبهارنا بالنتائج اهتمامنا بالتفاصيل، غير مدركين أن هدفنا أصبح أعقد، ونحن نحلق من نجاح إلى نجاح.

«لأجلها تعمل الدولة بجد، تجمعها واحدة واحدة، زهرة زهرة، مفردة مفردة، لتضعها لنا على باب المنزل كل صباح».

سعداء نعم، لكننا نحتاج لبحثٍ أكثر في تعريف السعادة، ولاهتمام أكبر بتفاصيل طريقها. سعداء لأننا رُزقنا نصيباً من كل المفردات الطيبة في «مختار الصحاح»، وصرنا بحاجة إلى فصل جديد يضاف إلى فصوله، ليشرح لنا كيف تسكن السعادة أرواحنا وفي أي الأزقة من أحيائنا بيتها.

أمن وأمان، حماية واستقرار، قدرة على تلبية الاحتياجات الأساسية، عدل ومساواة.. أزهار في باقة السعادة، انتشر عبقها فنال منه نصيباً كل من بلغه. قائمة طويلة عريضة من المفردات تمتد على طول أيامنا وليالينا، لأجلها تعمل الدولة بجد، تجمعها زهرة زهرة، مفردة مفردة، لتضعها لنا على باب المنزل كل صباح، فهل أدركنا كيف جمعت؟ وهل قدرنا أهمية تنوعها وروعة ألوانها؟ وهلاّ وجدنا لها المكان المناسب في بيوتنا حتى لا تذبل؟

ما بين السعادة والإسعاد يسكن المجتمع، وقرار أفراده بأن يكونوا سعداء هو مفتاح بقائها، الحفاظ على شعلتها وضاءة في زوايا نفوسنا لا قرار للآخر فيه، وإذا ما لم تكن السعادة مستقرة في زاوية آمنة من أعماقنا، فتغير أحوال الطقس كفيل بتبديدها، وازدحام الشوارع قادر على تشويشها، وضغوط العمل قوية لإطفائها.

ما يوضع بين أيدينا من مفاتيح السعادة يبقى بغير جدوى إن لم نكن مدركين لكنهها، واعين لدورها في السير معنا على طريق أهدافنا، قادرين على حمايتها من مشقة الرحلة وكمد العثرات. أن تُمنح لنا السعادة، لا يعني أننا سنكون سعداء، لأن الغفلة عن جوهر النعمة والزهد في أهميتها سيفتحان الأبواب مشرعة لها لتغادر، ونبقى بعدها نبحث في المعجم أي المفردات نريد.

twitter@KhaledAlKamda

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر