كل يوم

مصلحة الاقتصاد في دعم مشروعات الشباب

سامي الريامي

هناك أسباب خارجة عن إرادة الجميع أدت إلى تفاقم سيطرة غير المواطنين على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، منها التركيبة السكانية التي تميل بشدة لمصلحة غير المواطنين، وتالياً فمن الطبيعي جداً أن يكون عدد المشروعات التي يديرونها أكثر وأكبر من مشروعات الشباب المواطنين.

كما أن سيطرة ثقافة العمل الحكومي عند شبابنا، واعتبار الحصول على وظيفة حكومية طموحاً وإنجازاً، هما سبب آخر لأن غير المواطنين لا يفكرون أبداً في ذلك، فاتجهوا للقطاع الخاص، وبدأوا في مشروعات صغيرة، مستفيدين من دعم لا محدود وتسهيلات كبيرة من أقرانهم في السوق والمصارف وكل القطاعات الاقتصادية، إلى أن كبرت هذه المشروعات، لذلك لا غرابة أبداً أن نصل اليوم إلى نسبة صادمة تفيد بأن 98% من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة هم من غير المواطنين!

«امتلاك غير المواطنين 98% من المشروعات الصغيرة والمتوسطة دليل على خلل في آلية عمل مؤسسات دعم مشروعات الشباب والصناديق المخصصة لتوفير التسهيلات والتمويل لهم، وخلل في عمل الجهات الرسمية المعنية بتنظيم هذا القطاع».

هذان سببان خارجان عن إرادة الجهات المعنية بالاقتصاد ودعم الشباب، لكنهما ليسا كل شيء، فهناك أسباب كثيرة أخرى، أدت إلى تعثر كثير من الشباب في تسيير أمور مشروعاتهم الصغيرة والمتوسطة، تقع مسؤوليتها على كاهل هذه الجهات! جميع الشباب من أصحاب هذه المشروعات الصغيرة والمتوسطة يشعرون دائماً بأنهم غير محميين، وغير مدعومين من الجهات الرسمية، وشعورهم هذا ليس وهماً بالتأكيد، بل هو أمر واقع في كثير من الأحيان، وأكبر مؤشر إلى عدم اكتراث كثير من الجهات الرسمية بمشروعات الشباب هو تجاهلها تنفيذ قرار تخصيص نسبة 10% من المشتريات الحكومية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة!

حالياً تقوم الدولة بمجهودات كبيرة من أجل توظيف الشباب في القطاع الخاص، وهذا أمر جيد، وخطوة ضرورية ومهمة، ولكن في موازاة ذلك لابد من تقديم الدعم المالي والقانوني وتشجيع الشباب على إقامة مشروعاتهم الخاصة بهم، مهما كان حجمها، صغيرة أو متوسطة أو حتى متناهية الصغر، المهم تشجيعهم ليكونوا جزءاً من الاقتصاد، وأن يكونوا أرباب عمل في المستقبل، بدلاً من موظفين في قطاع خاص لا يملكه مواطنون في الغالب!

بالتأكيد لن نستطيع تغيير الواقع الحالي الصعب، لكن على أقل تقدير العمل على تخريج أعداد من رواد الأعمال الناجحين، وضمان استمرارية نجاحهم، وضمان نجاحهم لن يأتي بالتصريحات، والمبادرات الإعلامية الرنانة، بل بقوانين خاصة بهم، وتسهيلات، وتمويل، ودعم معنوي واستشاري، وتفعيل دور المؤسسات المعنية لتقديم خدمات حقيقية لهذه الفئة، لأن وصول نسبة امتلاك غير المواطنين لـ98% من المشروعات الصغيرة والمتوسطة دليل ومؤشر واضح إلى خلل في آلية عمل جميع مؤسسات دعم مشروعات الشباب والصناديق المخصصة لتوفير التسهيلات والتمويل لهم، وخلل أيضاً في عمل الجهات الرسمية المعنية بتنظيم هذا القطاع!

لا يوجد سبب منطقي يجعل مسؤولاً في جهة حكومية يمتنع عن تنفيذ قرار تخصيص 10% من مشتريات الجهة لمشروعات الشباب، ولا يوجد سبب مقنع لدى مسؤول مواطن لعدم توفير الدعم والتسهيلات لمشروعات الشباب، خصوصاً إن كانت على مستوى جيد من الجودة والكفاءة، لا يوجد تبرير لذلك سوى دخول المصلحة الشخصية على الخط، وهذا ما يجب أن تدقق عليه الجهات الرقابية من الآن وصاعداً، فالأمر أصبح مؤثراً في الاقتصاد الوطني، ومصلحة الوطن أهم من مصلحة أي فرد أو موظف أو مسؤول!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر