5 دقائق

كن هناك

الدكتور علاء جراد

ما شعورك إذا ذهبت بطفلك للكشف عليه بقسم الطوارئ في أحد المستشفيات لتجد الشخص المسؤول في الاستقبال مشغولاً بهاتفه ولا يشعر بوجودك، ثم يطلب منك بطاقة التأمين الصحي دون أن ينظر إليك، ثم تذهب إلى الغرفة المجاورة لتجد الممرضة مشغولة هي الأخرى بكتاب تقرأه أو تتحدث مع زميلتها ولا تعيرك أي اهتمام؟ وما شعورك عندما تذهب إلى إجراء معاملة أو تقديم شكوى في أحد البنوك فتجد الموظف عابثاً متجهماً ومشغولاً، يستمع إليك لكن لا يسمعك وينظر إليك لكن لا يراك، فهؤلاء الأشخاص قد اختاروا أن يعزلوا أنفسهم ويتقوقعوا في همومهم ويقدمون أقل القليل.

هل تعتقد أن هؤلاء «الحاضرين الغائبين» يمكن أن يضيفوا قيمة إلى عملهم أو لمن حولهم، أو أنهم سيحققون نجاحاً حقيقياً في الحياة أو سيتركون شيئاً ذا قيمة من بعدهم؟

هل تعتقد أن هؤلاء «الحاضرين الغائبين» يمكن أن يضيفوا قيمة إلى عملهم أو لمن حولهم؟ أو أنهم سيحققون نجاحاً حقيقياً في الحياة أو سيتركون شيئاً ذا قيمة من بعدهم؟ أعتقد أنهم لن يكونوا كذلك، لأنهم ببساطة غير «حاضرين»، قد يكونون حاضرين بأجسادهم لكنهم غير حاضرين بقلوبهم وأرواحهم. إن الحضور «Presence» هو من أهم سمات القادة، فالناجحون يطبقون مبدأ «كن هناك» أو «Be There»، فالمدرس الناجح تجده حاضراً «بكله» في صفه بقلبه وعقله وروحه وبكل شغف. والآباء والأمهات الناجحون يقضون أوقاتاً غنية مع أسرهم بكل مشاعرهم وانتباههم ولا يعيشون «ظاهرة المصعد» التي تناولناها سابقاً.

عندما تكون في عملك أو مع أسرتك أو تقود سيارتك كن دائماً حاضراً. لقد اهتم بعض علماء الإدارة مثل «أوتو شارمر» و«بيتر سينجي» بموضوع «الحضور» أو «Presence»، كما ظهر منذ 1998 مفهوم في خدمة العملاء يسمى «فلسفة السمك» أو «FISH Philosophy»، حيث قام أحد الكتاب بتوثيق ممارسات البائعين في سوق السمك بسياتل بالولايات المتحدة وتتلخص في كلمتين:Be There أي كن حاضراً. فهل لابد أن يطلق الغرب مسميات ويقدموا شهادات «معتمدة» حتى نتعلم شيئاً جديداً يطور أداءنا، أم يمكننا ببساطة تطبيق ذلك دون إنفاق مبالغ طائلة على تدريب لا طائل منه؟! فلنطبق فقط تعاليم ديننا ولنعطي كل ذي حق حقه، فكلنا راعٍ وكلنا مسؤول عن رعيته.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر