مزاح.. ورماح

«لا تفتح الظرف!!»

عبدالله الشويخ

لا أعرف هل مازالت طقوس فتح مظاريف المناقصات ممارسة شائعة في المؤسسات الحكومية أم أنها انقرضت جنباً إلى جنب مع تقدم ممارسات الحكومة الإلكترونية والذكية؟! على أنني لا أستطيع إنكار أنني أفتقدها جداً. في تلك الأيام تدخل اللجنة وتلقي على أصحاب الشركات الواقفين كأنهم ينتظرون خروج ممرضة من غرفة فتح المظاريف لتقول لهم: مبروك ولد! كان لابد من إعطاء مندوبي الشركات نظرة من طراز لا تحاولوا التملق لي فأنا موظف مستقيم، على الرغم من أن ثلاثة أرباع الشركات المساهمة في تلك المناقصة في الأيام الجميلة تكون أنت فيها الكفيل!

كيف كنا نفعلها؟! في الحقيقة كان هناك العديد من التكنيكات قبل ظهور إدارات الرقابة والتدقيق والجودة وكل هؤلاء الأشرار. التكنيك الأول والأكثر شعبية كان يقضي بترك مكان الثمن فارغاً ويمكن ملؤه في ما بعد من قبلك بعد اطلاع سريع على بقية الأسعار. طريقة أخرى كانت تقضي بإضافة شرط غير موجود مسبقاً بحيث لا ينطبق إلا على عرض واحد. وهناك طريقة كلاسيكية كانت أفضلها، وهي أن تكون أنت صاحب العروض الثلاثة كلها. ومبروك عليك كافتريا الدوام! حيث يكون أول ما تفعله عند كسب المناقصة / أو المزايدة هو أن تعلق لوحة في صدر الكافتريا وتكتب فيها (أهم شيء الرزق الحلال)!

لماذا أتذكر هذه المظاريف الآن؟! لأنني لا أعلم فعلاً هل مازالت تلك الطقوس موجودة أم أن ممارسات الحوكمة قضت عليها، كما قضت التقنية على رسائل الأصدقاء التقليدية ورائحة الورق وألوان الطوابع والقرف الذي يصيبك حين تنتزع الطابع أو تفتح الظرف وأنت تعلم بأن (تفال) صديقك الحميم له أثر هنا أو هناك.

فتح الرسائل أو اللينكات (الوصلات التشعبية الإلكترونية)، كما يقول أصدقاؤنا اللغويون، بنقرة زر لم تعد آمنة، خصوصاً إذا ارتبطت أداة الاستفهام (أين).. إياك أن تفتح ظرفاً يحمل عنوان: أين اختفت الطائرة الماليزية؟ أو يحمل عبارة: أنظر إلى عبقرية آيفون، وانظر أين تضع الشريحة في هاتف آيفون 6؟.. أو أي عبارة تحمل كلمة (أين).. أخلاق الناس لم تعد كما كانت يا صديقي!

المصيبة أنك لو دققت قليلاً لرأيت ذلك الآسيوي الشهير بدوره يعلق خلف رأسه لوحة تحمل عبارة: «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت»!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر