مزاح.. ورماح

لك مصلحة؟

أحمد حسن الزعبي

ارتبط مصطلح زوّار الفجر بالمخابرات العربية التي تداهم البيوت وقت النوم وتأخذ المطلوبين للتحقيق معم، الذي يستمر عادة لعقود بـ«البيجامة» نفسها، لكن الذاكرة الشعبية غفلت عن زوار العصر الذين لا يقلّون تخويفاً وإرهاباً عن زوار الفجر، حيث يداهم هؤلاء البيوت وقت نوم العصاري، ويحرمون المطلوبين من القيلولة، ويخضعون لتحقيق وتقريع يستمر لساعات أيضاً وهم: «بالبيجامة نفسها».

عصر الخميس، وبعد أسبوع حافل بالضجيج والعمل واللقاءات والركض وراء رغيف العيش، والجري من أمام مسننات الحياة، وقبل أن يطبق جفنيه المثقلين بالنعاس، وقبل بدء عملية طرد حرارة الصيف المختزلة فوق سمارهما ببرودة المكيف المسلط فوق رأسه مباشرة.. قرع جرس الباب، فتح عينيه ليتأكد من أن الجرس حقيقة وليس حلماً، قرع مرة أخرى، نفض الغطاء عنه، ونزل عن السرير متجهاً نحو الباب، فقابله صوت حاد وعباءة سوداء وشال أسود وعينان جاحظتان: نايم؟ حدا بينام العصر؟.. لأ..الواحد لازم ما ينامش بالمرة.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. تفضلي يا عمّة.

تدخل حماته وبيدها كيس أسود منتفخ متجهة نحو صالة الجلوس، فيحاول التودد لها أو تبرير زيارتها منزوعة الطعمة: «ما فيش داعي كل ما تيجي تجيبي يا حماتي..» فتقطع شكّه بيقينها، وبصرامتها المعهودة تقول: «شوية شباشب وصرامي أخذتهم للكندرجي يخيطهم».. تحضر الزوجة بفرح غامر، يحضر الأولاد بتكاسل، فيتحوّل الرجل إلى «إكسسوار» أو مجرد مروحة أرضية تلف على جميع الحضور وتهزّ رأسها بنعومة من دون أن تستطيع التعليق بحرف واحد، هذا وتزيد سرعتها بالدوران أحياناً كلما ضغط على زر الاستفزاز أكثر..

المهم مجرد أن تجلس في غرفة الضيوف تقوم وتهبط مرات عدة على الكنبة للتجريب أو التخريب لا فرق، ثم تقول: «الكنبات نازلات لازم يتغيّرن».. فيلف الرجل برأسه 45 درجة نحو الزوجة، ثم تجول بنظرها نحو الستائر» والستاير موديلهن قديم».. فيلف ثانية وجهه على طريقة المروحة نحو الأولاد.. ثم تنظر إلى أحفادها أنصاف النيام، وكونها محضر خير فإنها لن تنساهم من رعايتها السامية واهتمامها العظيم.. فتقترح على الرجل الشجاع أن يخرجهم من مدرستهم الحكومية ويضعهم في مدرسة خاصة.. فيلف وجهه 60 درجة نحو سكين المطبخ.. تنظر إلى السقف «دهانكم مقشور» لازم تدهنوا البيت قبل الشتوية.. هنا ينفد صبر الرجل الذي لو استجاب إلى إصلاحات «حماته» السياسية والبيتية لاحتاج إلى ميزانية توازي ميزانية دول «الشنغن» مجتمعة! تناول هاتفه الخلوي، فتح قفل الشاشة ثم أدار أرقاماً عدة بدأها بمفتاح أميركا 001 تلته 10 أرقام.

الزوج: آلو.. جون كيري.. مساء الخير: قاعد قدامي شخص لابس عباءة سوداء وشال أسود أيضاً وله حاجب عريض وكثيف.. على خصره حزام جلدي بجيوب كثيرة.

الزوج بعد صمت لحظات: لأ.. من دون «لحية»، بس على ما أعتقد والله أعلم أنه: «أبوبكر البغدادي»! هل لك مصلحة فيه؟

سجل عندك عنوان البيت!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر