مزاح.. ورماح

تخيّلوا..

أحمد حسن الزعبي

تخيلوا لو ان شركة «تويوتا» العملاقة رضيت واكتفت بنجاح «تويوتا كراون» موديل 1978 مثلاً، وبقيت تضخّ من هذه الطبعة في السوق طوال السنوات الماضية ، ولم تصنّع بعدها سيارة ولم تحدّث موديلاً، وتركت التصميم التقليدي نفسه للسيارة بأضويته المربّعة الصغيرة، والمرآتين المعدنيتين الصغيرتين، والنوافذ اليدوية و«الأنتين» الرفيع الذي يرفرف فوق الزجاج الأمامي المنصوب على حافة الباب، ولم تحسن الشكل أو الميكانيكا منذ ذلك التاريخ هل ستصمد في السوق؟ بينما الشركات الأخرى تخرج كل سنة بموديل جديد مشبع بإضافات خرافية ورفاهية مبالغ فيها ودعاية مجنونة تصلك حتى غرفة نومك.

تخيّلوا لو أن شركة نوكيا رضيت واكتفت بنجاح النقّال «3310» الذي طرحته الشركة في السوق عام 1999، وبقيت تضخ من هذه الطبعة في السوق طوال الـ15 سنة الماضية، ولم تصنّع بعده جهازاً ولم تحدّث موديلاً وتركت التصميم المدبب نفسه واللون الرمادي «الفيراني»، والشاشة الصغيرة، والنغمات الـ10 المحدودة، وعبارة «جزء من النص مفقود» التي كانت تقطع فينا الحبل كلما هممنا أن نقرأ رسالة من صديق أو حبيبة.. حيث كانت تظهر كالآتي: «مرحباً كيف الحال.. أريد أن أسألك مين الــ***جزء من النص مفقود»، ماذا لو بقيت عبارة «insert sim card» كلما عطست أو ضغطت عليه بجيبك بالخطأ أو وقع من يدك على الطاولة، ولم تحسن الشكل والبرمجة وآخر صرعات الاتصال؟ هل ستصمد في السوق بينما الشركات الأخرى تخرج بكل سنة بموديل جديد له منظر جذاب وخيارات أكثر وتواصل أقرب للخيال.

في السياق نفسه أيضاً، لو أن شركة سامسونغ استسلمت لخسارتها بجهاز سامسونغ «E1100»» القديم أمام المنافس الشرس «نوكيا 3310» آنذاك.. لما وصلت سامسونغ الى جيل الغلاكسي S5 والساعات الذكية حتى اللحظة، من دون أن نتكهن بالجديد.

 

**

بلاش تكنولوجيا.. خلينا في الصحة.. ماذا لو أن شركات الأدوية رضيت واكتفت بمرض «أنفلونزا الخنازير» موديل 2000، وبقيت تحذر منظمة الصحة العالمية من خطر الوباء منذ ذلك التاريخ إلى اللحظة مركّزة على أعراض المرض من احمرار وتورّم في الأنف وعطاس مستمر وسخونة في الأذنين وارتخاء باللوزتين وغيرها؟ هل ستباع لقاحات المرض بالكمية نفسها التي بيعت وقت اكتشافه وترويجه إعلامياً وإعلانياً؟ لذا كان لا بدّ من أنفلونزا الطيور، الحمى القلاعية، سارس، كورونا، وأخيراً «إيبولا S5».

بلاش صحة.. خلينا في السياسة.. ماذا لو أن الدول الكبرى وأميركا تحديداً رضيت واكتفت بموديل «القاعدة» عام 2001 وبقيت تبث دعاية خطر انتشار «القاعدة» في العالم منذ ذلك التاريخ حتى اللحظة، محذرة من تفجير مبانٍ، خطف سفراء، غاز سام في المترو، هل كانت ستبيع هذا الكم الكبير من الأسلحة وتبني هذا الكم الهائل من القواعد في بلاد الشرق الأوسط؟ لذا كان لابد من موديلات جديدة للإرهاب في السوق لتزيد المبيعات والحضور والسطوة والسيطرة، فطرحوا في سوق الاستعمار دعايات تخويف لـ«حركة أبوسياف في الفلبين»، «بوكو حرام»، «جبهة النصرة» «داعش تابليت»، «قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية»،«داعش السودان».. إلخ.

في كل ما سبق «المبدأ واحد»..

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

 

تويتر