مزاح.. ورماح

اطلب الشيشة ولو في لندن

أحمد حسن الزعبي

في أول الليل، وتحديداً الساعة الثامنة مساء، وفي أحد أرقى أحياء لندن، إن لم يكن أرقاها على الإطلاق، يقوم بعض الشباب العربي بتوقيف سياراتهم الفاخرة بشكل عرضي عمداً على خطوط الاصطفاف الطولية المخصصة لذلك، ثم ينزل أحدهم من السيارة حاملاً بيده الشيشة بهدوء وتركيز وكأنه يحمل شعلة «الأولمبياد» يضعها على الإسفلت المخصص لوقوف المركبات، ثم يتناول زميله كرسيين من صندوق سيارتهم ويجلسان في عرض الشارع يدخنان الشيشة ورائحة معسل التفاحتين تتطاير في سماء لندن، بينما بقي الثالث على أهبة الاستعداد في حال تمت المداهمة أو اضطروا إلى المطاردة.

حدث ذلك الأسبوع الماضي، في عاصمة المملكة المتحدة، في واقعة مستهجنة وغريبة على المجتمع البريطاني، عندما فوجئ المارون والسياح بارتكاب «الحبايب» مخالفات عدّة، مثل الوقوف والتدخين في مكان عام وتعطيل حركة السير.

هذا نموذج من نماذج عديدة يحاول «أبوعرب» تصديرها إلى الغرب كلما سنحت له الفرصة، ففي العام الماضي أصر شاب عربي على توقيف سيارته «اللمبورغينيي»، التي تزيد قيمتها عن نصف مليون دولار، عمداً في مكان ممنوع، رغم أن المكان المسموح لا يبعد أكثر من خطوتين عن الأول.

ما المقصود من هذه الحركات «القرعة» التي يمارسها شباب العرب أول ما يصلون عواصم الحضارة؟ أو بالأحرى ما الرسائل التي يريدون إيصالها للغرب؟ «نحن متخلّفون» فانظروا إلينا؟! أم «بأموالنا نكسر قوانينكم»؟ أم «إياك أن تحترمني»!

ألف ندوة وألف محاضرة وألف «بروشور» تسعى إلى تحسين صورة العرب عند العالم، وإظهار عاداتنا الطيبة وتقاليدنا الأصيلة، وقيم ديننا العظيم الذي أعطانا دستوراً للرقي والتميز، كفيل أن يفضّها ويقوّضها ويلغيها وينقضها شاب يرتدي حذاء رياضياً و«شورت» بمجرد أن يشعل «راسين» بالحلال من المعسل البحريني .

وألف برج شاهق وألف ناطحة سحاب وألف مترو أنفاق أنشئت وارتفعت لتقول لأوروبا وأميركا نحن هنا.. لنا مدنيتنا ولنا حضارتنا كما لكم مدنيّتكم ولكم حضارتكم، يقوم شاب عشريني طائش بهدم الانبهار وتفجير «ناطحات الأفكار» وجهود الارتقاء بمجرد أن يصف سيارته الفارهة ذات اللوحة العربية الصارخة في مصف المعاقين حركيا في لندن ليقول «تباً لكم ولمعاقيكم».

هل لنا حق أن نتساءل بعد ذلك لماذا يكرهوننا؟

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر