مزاح.. ورماح

مطلوب وسادة..

أحمد حسن الزعبي

يرى بعض أخصائيي القلب والباحثين في أمراض الشرايين أن الغضب هو مقدّم صداق لـ«الجلطة»، فعندما تفقد أعصابك يحمر وجهك، وتطبق على أسنانك، ويبدأ قلبك في الخفقان، ونبضك في التسارع، استعداداً للشجار، ويبدأ الجسم بطلب الدهون من العضلات، لتلبية المزيد من الطاقة، وفي حال كنت «فشوشا» ولم تفرّغ هذه الطاقة في وقتها ومكانها الصحيحين، ولم تستخدم الدهون المسحوبة من رصيد العضلات، فإنها حتماً ستعود تجرّ أذيال الخيبة والفشل لتجلس في مكان ما في الجسم، وغالباً ما «تكوّع»، مثل جيوش مهزومة، بجدران الشرايين، مرة بعد مرة إذا غضبت ولم تنفّذ غضبك، ستتراكم هذه الدهون المذابة في العروق، وتسد الشرايين الضيقة، والنتيجة: «الله يرحمه.. كان روح حلال».

طبعاً هذا التحليل لا يدعوك إلى أن «تتمشكل» مع خلق الله على الطالعة والنازلة، فلا يُقصد أنك كلما غضبت تضرب خصمك «بوكس»، تحطّم أسنانه، أو تعمل كوة في وجهه، على الإطلاق، فالباحثون في أمراض القلب ينصحون بتنفيس غضبك من خلال وسادة توجه إليها لكمات عدة مدروسة، تفرغ فيها كل كبتك وزعلك وضعفك، وكان الله بالسر عليماً.

يعني إذا غضبت من مديرك في العمل ادخل في غرفة مهملة من المبنى، واضرب الوسادة على مقدمتها كذا لكمة وكذا ركلة، واشتم الوسادة، واللي «عيّن الوسادة»، واللي «رقّى الوسادة»، واللي «خلّف الوسادة»، ثم هندم ملابسك، وعد إلى مكتبك مرتاح البال، ومزمز على نسكافيه ثلاثة في واحد.

إذا غضبت من «أم العيال»، كذلك قم بالإجراء نفسه، أغلق غرفتك عليك، وأحضر الوسادة «الملطشة»، و«شنّع» فيها كيفما تشاء، تسديد من ركن الغرفة إلى ركن الغرفة، على طريقة ميسي، «دبل كيك» على طريقة نيمار، ولا تنس أن تتلفظ بكل عبارات اللوم التي كانت في نفسك، ولم تقلها منذ اليوم المنيل بستين نيلة المكتوب على خاتم زفافك.

إذا غضبت من جارك، أو من زميلك، أو خُذلت من صديقك، لا تحرق أعصابك، ولا على بالك، فوسادة الملطشة موجودة، فرّغ كل ما تريد فعله بكتلة القطن، فالوسادة «قلبها أبيض»، لا تغضب، ولا ترفع ضدك أي دعوى مدنية أو جنائية.

ولأن العربي بطبعه سريع الغضب، ويمكن أن ترتفع حرارته في أي مكان يرتاده، أتخيّل ضرورة تصميم «وسادة نقّالة» للملطشة، تماماً مثل الـ«لاب توب»، فلنسمها «pillow top»، يحملها الشخص بغلاف محترم، مثل حقيبة الـ«سمسونايت»، يسندها على الكرسي الذي قربه عندما يركب سيارته، وإذا شعر بأزمة سير خانقة في الطريق، يُخرج الوسادة يضربها كذا لكمة سريعة، ثم يعيدها إلى مكانها.

في المقهى، في المطعم، في السوق، في بيت «أنسبائك»، عندما يحاول أن يستعرض حماك عليك عضلاته في الحكمة والموعظة أخرج الوسادة «اطرقها خماسي»، وقرصة في «الوجه»، و«بوكس ميديوم»، وأعدها إلى مكانها.

وبما أن لدينا أكثر من 300 مليون عربي «كاظم غيظه»، صاروا على أهبة «الجلطة»، بسبب ما يمارس عليهم من ظلم واستفزاز وقلة تنفيس، فأنا أقترح أن يتم تصميم وسادة عملاقة، يتم حشوها بالناتج السنوي من القطن المصري والسوداني والتركي، ويُترك كل أشقاء القهر العربي للركل والقصاص.

إنها فرصتنا التاريخية للتنفيس، ما دام القطن غير محسوب بعد على المعسكرين الأميركي أو الروسي.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر