مزاح.. ورماح

«ترانا ملينا..!»

عبدالله الشويخ

تستيقظ صباحاً لتشاهد برنامجك الصباحي المفضل في قناة «سما» دبي.. ثم تخرج لعملك فتعرج على المطعم الشامي بجوار منزلكم لشراء بعض المعجنات، فتجد أنه قد غير اسمه إلى «سما» الشام.. تجلس إلى المكتب في برج «سما» الخليج وتجتمع مع عدد من الشركات الإعلانية أسماؤها هي: «سما» الإعلام و«سما» الفن و«سما» الموهبة.. تتصل بك السكرتيرة «سما» لتخبرك بأن هناك مندوباً من شركة «سما» البنيان العقارية يريد عرض بعض الفيلات الجاهزة عليك.. تذهب للغداء في مطعم يحمل كلمة «سما» وبعدها قرية في ريف دمشق.. تعود لمنزلك تحاصرك لوحات المحال التي أصبح نصفها يحمل كلمة «سما».. تتساءل: هل انتهت الأسماء، أم أن الفضاء ضاق فأصبح الكل يريد «سماءه» الخاصة؟!

بقليل من التفكير والملاحظات تصل إلى نتيجة كنت تخشى أن تعترف بها لنفسك، لأنك جزء من المنظومة.. نحن مبدعون في التقليد فقط، أو بكلمة أخرى مقلدون في الإبداع!

نظرية «الحشرة مع الناس عيد» لاتزال تعمل بكفاءة.. مازلنا ننتظر اليوم الذي تقتنع فيه الجموع بأن العيد مع الناس هو «الحشرة» في الحقيقة! قبل سبع سنوات كان هناك هبة عقارية جعلتك مثلي تماماً تفاجأ بأن الشركات العقارية وشركات الوساطة أصبحت هي المهنة الأكثر رواجاً، فكل من باع عزبته في ذلك العام وحقق هامش ربح بسيطاً فتح كشكاً للتداول العقاري.

بعدها بسنتين «نزّل» السوق وجاء دور البناء، فكانت القصة الكلاسيكية هي أن يقوم الشاب ببناء منزله، ومن هذه التجربة المريرة يجمع كماً جيداً من الخبرات المتراكمة عن كيفية التعامل مع لصوص البناء والأدوات الكهربائية والاستشاري وأنواع السيراميك والأصباغ والأدوات الصحية.. وأصبح يعرف كيفية كتابة «السبيلينغ» الصحيح لكلمة Grohe! وبعد اكتمال بناء المنزل «يستخسر» أن تذهب كل هذه الخبرة أدراج الرياح، فيقرر افتتاح شركة للبناء أو الصيانة، وهكذا تتحول اللوحات ذاتها إلى مؤسسات مقاولات وصيانة. وتكتشف أن «حمود بويبهه» «مال فريجكم» بدوره قد أصبح مقاولاً رغم أنه لايزال منذ ثلاثين عاماً يضع على نافذة غرفته نموذج «الليغو» الذي اشتراه في أيام الابتدائية، ولم يعرف كيف يركبه بطريقة صحيحة قط!

وفجأة تنزل موضة جديدة ويصبح الجميع تجار أسهم.. والكل يستخدم مصطلحات «تعويم» و«أخضر» و«تجزئة أسهم».. لماذا؟ لأن الكل يفعل هذا.. بهذه البساطة! نفس نظرية أن «الستيشن» سيارة جيدة اشتروها.. اللون الأبيض مناسب.. اسم «سما» جميل! سمّوه!

الحمد لله، المجتمع متماسك ويتحرك ككتلة واحدة في أي اتجاه تجاري أو استثماري.. تماماً مثل فريق البنات الذي يلعب كرة قدم لأول مرة.. هل تذكرون كيف يركضن جميعاً خلف الكرة؟! يا جماعة.. قليل من الإبداع والتغيير لا يُخرج من الملة!

.. سما.. سما.. س.

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر