مزاح.. ورماح

«موزٌ أكثر..!»

عبدالله الشويخ

وفجأة أصبح الشغل الشاغل للكثير من أفراد ما يعرف بالطبقة المثقفة البحث في نظرية داروين «النشوء والترقي» بعد أكثر من نصف قرن على انهيارها.. وأصبحت الشغل الشاغل لهم في مواقع التواصل الاجتماعي والندوات الثقافية من المحيط إلى الخليج، والمادة الخام للكثير من المقالات والنغزات! لا أفهم حقيقة استقتال البعض لإثبات أن جده «سبال».. لا أفهم أن تُصرف آلاف الساعات وربما ملايين الدراهم لإثبات أنكم من عيال بن سبال! يمكنك بكل بساطة أيها المتحمس للنظرية أن تقوم بزيارة منزلنا والدخول إلى المجلس أو «غرفة الخطّار» كما تسميها أمي، وتترك الباب مفتوحاً، وعندها ستسمع ثلاثين شخصاً من الداخل يصيحون بك: «(يا سبال) أغلق الباب سيخرج الهواء البارد!».. ويختصرون عليك الطريق!

منزلنا الشعبي مكيفات «ويندو» كما تعلم!

الأمر في حقيقته مهما حاولنا أن نجد من تفسيرات اجتماعية أو علمية له هو صراع بين الإيمان واللاإيمان، فالمستقتلون على إثبات «القردية» في من قال الله فيهم «ولقد كرمنا بني آدم»، يريدون التشكيك في النصوص وما ومن وراء النصوص، فلو أثبتوا نظرية القردية الخاصة بهم فهم يحققون نصراً على «المؤمنين» باعتقادهم!

ولكن ومن زاوية أخرى، لماذا أصلاً وُجد بيننا من لديه هذه النزعة الغريبة التي يصرون عليها للتشكيك في النصوص والمسلّمات.. أليس أحد أهم الأسباب هو أن «أتباع» المدارس الدينية والخطاب الديني قد فشلوا في رسالتهم، بل وحولوا الكثير من أفراد المجتمع إلى أعداء لهم بواسطة تقديم النموذج السيئ والوجوه المكفهرة والتصرفات البعيدة عما أُمروا باتباعه؟! والحجة دائماً موجودة: هؤلاء لا يستحقون غير الشدة! إذاً فمتى ستستخدمون اللين؟ ومتى تنشرون ثقافة التسامح؟

مأساتنا في مجموعات أغرقتنا في الشعوذة وأغرقت منتقديها في الشائعات والتشهير، ومجموعات أخرى ترى في الكل عميلاً وخائناً ما لم يكن على طريقها أو «بيعتها»، ومجموعات ثالثة ترى في الجميع الضلال والنفاق ما لم يكن على ما كان عليه أهل نجد عموماً.. ورابعة وخامسة وسادسة!

الحل يبدأ من الجامعات.. من الجيل الذي يتم إعداده اليوم.. فحين تستقطب كليات الطب والهندسة النخبة وتتلوها كليات الإدارة والمعاهد الفنية و..و..و وتبقى كليات العلوم الشرعية لكل ساقط ولاقط، فستكون هذه هي النتيجة! التصحيح يبدأ بأن تكون رواتب الأئمة والدعاة والمفتين هي الأعلى وفوق كل شيء آخر.. وتكون معدلات قبولهم في الجامعات فوق التسعين وتستقطب صفوة الصفوة.. وفقط صفوة الصفوة.. وتصبح نظرة المجتمع لهم كنظرة أهل المدينة المنورة لربيعة الرأي وتلامذته.. عندها ستتغير طبيعة الخطاب وترتقي.. ولن تجد من يقاتل لكي يتلقف إصبعاً من الموز!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر