5 دقائق

لا تمشِ في الأرض مرحاً

الدكتور علاء جراد

لو أن كلاً منا فكر في الحياة بمنظور أنه قد يتركها في أي لحظة، وأن ما يبقى من بعده هو عمله وخلقه والأثر الذي يتركه على الآخرين، لراجع الكثيرين أسلوب حياتهم، وطريقة تعاملهم مع الناس. لو أن كلاً منا يعطي لنفسه فرصة لمدة نصف ساعة كل أسبوع، لينعزل تماماً في مكان هادئ، بعيداً عن أي شيء يشغله، ويتفكر في الحكمة من خلقه، ومن النعم التي أنعم الله بها علينا، لتغيرت أمور كثيرة، ولأصبحنا أناساً أفضل، ولأصبحنا أكثر إنسانية.

«التواضع قيمة عظيمة، وصفة نبيلة، ومكون أساسي من مكونات القادة الناجحين والمحبوبين، فمن تواضع لله رفعه».

إن الدين المعاملة، وليس فقط العبادات، بل السلوك الذي يترجم على أرض الواقع، فلن يستفيد الآخرون شيئاً من عباداتي ما لم أترجمها إلى ممارسات وتصرفات بشكل يومي.

لقد نهانا المولى عز وجل مراراً عن الكبر والغرور، وجاء ذلك صريحاً في القرآن الكريم في أكثر من آية، كما نهت عنه الأديان السماوية، لما له من آثار سلبية في الشخص نفسه وفي الآخرين، فالغرور يمنع الإنسان من رؤية الحق، ويجعله يحيد عن الصواب، فقد يستكبر مدير عن سماع وجهة نظر موظف بسيط، بسبب الكبر، أو يصر الإنسان على موقفه، لأنه لا يتقبل فكرة أنه يمكن أن يخطئ، وقد يغتر الإنسان بعلمه أو ماله أو منصبه أو أصوله، لكن ما النتيجة؟ النتيجة هي ما حدث لقارون وفرعون والنمرود.

إن التواضع قيمة عظيمة، وصفة نبيلة، ومكون أساسي من مكونات القادة الناجحين والمحبوبين، فمن تواضع لله رفعه.

وعلى المستوى المؤسسي يمكن أن تغتر مؤسسة بتقدمها وتميزها، وبالتالي تتوقف عن التعلم والتطوير، وقد تستمر تلك المؤسسة في النجاح بعض الوقت، وفقاً لظاهرة «القصور الذاتي»، لكن في النهاية مصيرها إلى التدهور، ما لم تتخلص من الكبر والغرور اللذين يعتبران من «إعاقات التعلم»، فالإدارة «بالود والاحترام» من أنجح أنواع الإدارة. إن الكبر يؤدي إلى العناد، وقد يدمر عائلات، بل مؤسسات، ودولاً. إن التواضع هو أهم سمة من سمات التعلم الفعال، ولابد أن نتعلم بوتيرة أسرع، فالحياة أقصر من أن نقصرها، ولنتخذ قول الله عز وجل منهاجاً لمسلكنا وفعلنا وقولنا: «وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا».

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر